سعة رحمته ومواهبه ، التي عم بها جميع الوجود ، بحسب ما تقتضيه حكمته. وخص المؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر ، والحظ الأكمل ، قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الآية.
والنعم والإحسان ، كله من آثار رحمته ، وجوده ، وكرمه. وخيرات الدنيا والآخرة ، كلها من آثار رحمته.
(السّميع لجميع الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تفنن الحاجات.
(البصير الذي يبصر كل شيء وإن رق وصغر ، فيبصر دبيب النملة السوداء ، في الليلة الظلماء ، على الصخرة الصماء. ويبصر ما تحت الأرضين السبع ، كما يبصر ما فوق السموات السبع. وأيضا سميع بصير ، بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته ، والمعنى الأخير ، يرجع إلى الحكمة.
(الحميد في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله. فله من الأسماء ، أحسنها ، ومن الصفات أكملها ، ومن الأفعال ، أتمها وأحسنها ، فإن أفعاله تعالى ، دائرة بين الفضل والعدل.
(المجيد) ، (الكبير) ، (العظيم) ، (الجليل وهو الموصوف بصفات المجد ، والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، وأعظم من كل شيء ، وأجل وأعلى. وله التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه. قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه.
(العفو) ، (الغفور) ، (الغفّار) الذي لم يزل ، ولا يزال بالعفو معروفا ، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفا. كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه. وقد وعد بالمغفرة والعفو ، لمن أتى بأسبابها ، قال تعالى : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢).
(التّوّاب) الذي لم يزل يتوب على التائبين ، ويغفر ذنوب المنيبين. فكل من تاب إلى الله توبة نصوحا ، تاب الله عليه. فهو التائب على التائبين : أوّلا بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه ، وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولا لها ، و
عفوا عن خطاياهم.
(القدّوس) السّلام أي : المعظم المنزه عن صفات النقص كلها ، وأن يماثله أحد من الخلق ، فهو المتنزه عن جميع العيوب ، والمتنزه عن أن يقاربه أو يماثله أحد في شيء من الكمال (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)) (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً).
فالقدوس كالسلام ، ينفيان كل نقص من جميع الوجوه ، ويتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه ، لأن النقص إذا انتفى ، ثبت الكمال كله.
(العلىّ) ، (الأعلى) وهو الذي له العلو المطلق عن جميع الوجوه. علو الذات ، وعلو القدر والصفات ، وعلو القهر. فهو الذي على العرش استوى ، وعلى الملك احتوى. وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف وإليه فيها المنتهى.
(العزيز) الذي له العزة كلها : عزة القوة ، وعزة الغلبة ، وعزة الامتناع. فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات ، وقهر جميع الموجودات ، ودانت له الخليقة ، وخضعت لعظمته.
(القوىّ المتين) هو في معنى العزيز.
(الجبّار) هو بمعنى العلي الأعلى ، وبمعنى القهار ، وبمعنى «الرؤوف» الجابر للقلوب المنكسرة ، وللضعيف العاجز ، ولمن لاذ به ، ولجأ إليه.
(المتكبّر) عن السوء ، والنقص والعيوب ، لعظمته وكبريائه.