وشر ، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة تكور الشمس ، أي : تجمع وتلف ، ويخسف القمر ، ويلقيان في النار.
[٢] (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) (٢) ، أي : تغيرت ، وتناثرت من أفلاكها.
[٣] (وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ) (٣) ، أي : صارت كثيبا مهيلا ، ثم صارت كالعهن المنفوش. ثم تغيرت وصارت هباء منبثا ، وأزيلت عن أماكنها.
[٤] (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ) (٤) ، أي : عطل الناس يومئذ نفائس أموالهم ، الّتي كانوا يهتمون لها ويراعونها في جميع الأوقات ، فجاءهم ما يذهلهم عنها ، فنبّه بالعشار ـ وهي : النوق الّتي تتبعها أولادها ، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك عندهم ـ على ما هو في معناها من كل نفيس.
[٥] (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (٥) ، أي : جمعت ليوم القيامة ، ليقتص الله من بعضها لبعض ، ويرى العباد كمال عدله ، حتى إنه يقتص للشاة الجماء ، من الشاة القرناء ، ثم يقال لها : كوني ترابا.
[٦] (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٦) ، أي : أوقدت فصارت ـ على عظمها ـ نارا تتوقد.
[٧] (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) (٧) ، أي : قرن كلّ صاحب عمل مع نظيره ، فجمع الأبرار مع الأبرار ، والفجار مع الفجار ، وزوج المؤمنون بالحور العين ، والكافرون بالشياطين ، وهذا كقوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً) ، (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) ، (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ).
[٨] (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) (٨) ، وهي : ما كانت الجاهلية الجهلاء تفعله من دفن البنات ، وهن أحياء من غير سبب ، إلا خشية الفقر ، فتسأل : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (٩) ، ومن المعلوم أنها ليس لها ذنب ، ولكن هذا فيه توبيخ وتقريع لقاتليها.
[١٠] (وَإِذَا الصُّحُفُ) المشتملة على ما عمله العاملون من خير وشر (نُشِرَتْ) ، وفرقت على أهلها ، فآخذ كتابه بيمينه ، وآخذ كتابه بشماله ، أو من وراء ظهره.
[١١] (وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) (١١) ، أي : أزيلت ، كما قال تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) ، (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) ، (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).
[١٢] (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) (١٢) ، أي : أوقد عليها فاستعرت ، والتهبت التهابا لم يكن لها قبل ذلك.
[١٣] (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) (١٣) ، أي : قرّبت للمتقين.
[١٤] (عَلِمَتْ نَفْسٌ) ، أي : كل نفس ، لإتيانها في سياق الشرط. (ما أَحْضَرَتْ) ، أي : ما حضر لديها من الأعمال ، الّتي قدمتها كما قال تعالى : (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً). وهذه الأوصاف الّتي وصف بها يوم القيامة ، من الأوصاف الّتي تنزعج لها القلوب ، وتشتد من أجلها الكروب ، وترتعد الفرائص ، وتعم المخاوف ، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم ، وتزجرهم عن كلّ ما يوجب اللوم ، ولهذا قال بعض السلف : من أراد أن ينظر ليوم القيامة كأنه رأي عين ، فليتدبر سورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (١).
[١٥] أقسم تعالى (بِالْخُنَّسِ) وهي من الكواكب الّتي تخنس ، أي : تتأخر عن سير الكواكب المعتاد إلى جهة الشرق ، وهي النجوم السبعة السيارة : «الشمس» ، و «القمر» ، و «الزهرة» ، و «المشتري» ، و «المريخ» ، و «زحل» ، و «عطارد» ، فهذه السبعة لها سيران : سير إلى جهة المغرب مع سائر الكواكب والفلك. وسير معاكس لهذا من جهة