غيره ، وبخل أهل الميسرة أن يفعلوا ذلك ، فقال المنافقون : ما صنع علي بن أبي طالب عليهالسلام الذي صنع من الصدقة لا أنه أراد أن يروّج لابن عمه ؛ فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) من إمساكها (وَأَطْهَرُ) يقول : وأزكى لكم من المعصية (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) الصدقة (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَأَشْفَقْتُمْ) يقول الحكيم : ءأشفقتم يا أهل الميسرة (أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) يقول قدّام نجواكم ، يعني كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (صَدَقاتٍ) على الفقراء (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) يا أهل الميسرة (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) يعني تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول : أقيموا الصلوات الخمس (وَآتُوا الزَّكاةَ) يعني أعطوا الزكاة ، يقول : تصدّقوا ، فنسخت ما أمروا به عند المناجاة بإتمام الصلاة وإيتاء الزكاة (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) بالصدقة في الفريضة والتطوّع (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) [أي بما تنفقون خبير](١).
قال شرف الدين : ونقلت من مؤلّف شيخنا أبي جعفر الطوسي (رحمهالله) : أنه في جامع الترمذي وتفسير الثعلبي بإسناده ، عن علي بن علقمة الأنماري يرفعه إلى علي عليهالسلام ، أنه قال : «[بي] خفف الله عن هذه الأمة ، لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية ، فتقاعسوا عن مناجاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد إلا من تصدق بصدقة ، وكان معي دينار فتصدقت به ، فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية ، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب ، لامتناع الكل من العمل بها».
قلت : الروايات في ذلك كثيرة يطول بها الكتاب من الخاصّة والعامة (٢).
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٧٤ ، ح ٦.
(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٧٥ ، ح ٧ ، سنن الترمذي : ج ٥ ، ص ٤٠٦ ، ح ٣٣٠٠ ، غاية المرام : ص ٣٤٩ ، ح ٤.