الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٣٥) [سورة الأنبياء : ٣٥ ـ ٣٢]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً) يعني من الشياطين ، أي لا يسترقون السمع. قال : وأمّا قوله : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) فإنه لما أخبر الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بما يصيب أهل بيته من بعده ، وادعاء من ادّعى الخلافة دونهم ، اغتمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأنزل الله عزوجل : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) أي نختبركم (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) فأعلم ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه لا بدّ أن تموت كلّ نفس.
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام يوما ، وقد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك ، فقال : «كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب ، وكأنّ الحق فيها على غيرنا وجب ، وكأن الذين نشيّع من الأموات سفر (١) عما قليل إلينا راجعون. ننزلهم أجداثهم ، ونأكل تراثهم ، كأنّا مخلدون بعدهم ، قد نسينا كلّ واعظة ، ورمينا بكل جائحة (٢).
أيّها الناس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وتواضع من غير منقصة ، وجالس أهل الفقه والرحمة ، وخالط أهل الذلّ والمسكنة ، وأنفق مالا جمعه في غير معصية.
أيها الناس ، طوبى لمن ذلت نفسه ، وطاب كسبه ، وصلحت سريرته ، وحسنت خليقته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من كلامه ، وعدل
__________________
(١) السفر : المسافر ، للواحد والجمع. «المعجم الوسيط ـ سفر ـ ج ١ ، ص ٤٣٣».
(٢) الجائحة : الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها. «النهاية ج ١ ، ص ٣١١».