تمليخا ، ومكسلمينا ، ومجلسينا ، وأما الثلاثة الذين كانوا عن يساره فكانت أسماؤهم : مرنوس ، وديرنوس ، وشاذرنوس ، وكان يستشيرهم في جميع أموره».
قال : «وكان يجلس في كلّ يوم في صحن داره ، البطارقة عن يمينه ، والهراقلة عن يساره ـ قال ـ ويدخل ثلاثة أغلمة في يد أحدهم جام (١) من ذهب مملوء من المسك المسحوق ، وفي يد الآخر جام من فضّة مملوء من ماء الورد ، وفي يد الآخر طائر أبيض له منقار أحمر ، فإذا نظر إلى ذلك الطائر صفر به ، فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرّغ فيه ، فيحمل ما في الجام بريشه وجناحيه ، ثمّ يصفر به الثانية فيطير الطائر حتى يقع في جام المسك فيتمرّغ فيه ، فيحمل ما في الجام بريشه وجناحيه ، ثم يصفر الثالثة فيطير الطائر على رأس الملك ، فلمّا نظر الملك إلى ذلك عتا وتجبّر وادّعى الربوبية من دون الله عزوجل».
قال : «فدعا إلى ذلك وجوه قومه ، فكل من أطاعه على ذلك أعطاه وحباه وكساه ، وكلّ من لم يتابعه قتله ، فاستجاب له أناس ، فاتّخذ لهم عيدا في كل سنة مرة ، فبينما هو ذات يوم في عيدهم ، والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، وإذا ببطريق من بطارقته قد أقبل وأخبره أن عساكر الفرس قد غشيته ، فاغتمّ لذلك غمّا شديدا حتى سقط التاج عن ناصيته ، فنظر إليه أحد الفتية الثلاثة الذين كانوا عن يمينه ، يقال له : تمليخا ، فقال في نفسه : لو كان دقيوس إلها كما يزعم ما كان يغتمّ ، ولا كان يفرح ، ولا كان يبول ولا كان يتغوط ، ولا كان ينام ولا يستيقظ ، وليس هذا من فعل الإله».
قال : «وكان الفتية الستّة كل يوم عند أحدهم يأكلون ويشربون ، وكانوا
__________________
(١) الجام : إناء من فضة. «لسان العرب ـ جوم ـ ج ١٢ ، ص ١١٢».