التفت العقل الى ان هذا شرب معلوم الخمرية وهو حرام تحقق قبح آخر وتجددت حرمة ثالثة وهكذا الى ان يكل العقل وينقطع التسلسل. هذا مضافا الى انه لو سلم اشكال التسلسل التزمنا بالشق الأول وهو اختصاص الحكم بفرض التجري بدعوى ان مقتضى الحكم وان كان ثابتا في فرض المصادفة ايضا لكن هناك مانع عن شمول الحكم له ، وذلك هو لزوم التسلسل.
الوجه الثالث : ما ذكر في الدراسات مشوشا وذكره السيد الاستاذ (قده) في البحث مرتبا وهو ان الحكم الثاني يكون ناشئا عن القبح الثابت بوصول حكم آخر في المرتبة السابقة في نظر المكلف فالمكلف دائما يرى هذا الحكم مسبوقا بمحرك مولوي آخر فان كفاه ما يراه من المحرك المولوي لم تكن فائدة في الحكم الثاني ، وان لم يكفه ذلك وكان بناؤه على العصيان لم يحركه الحكم الثاني أيضا ، فهذا الحكم على كلا التقديرين غير قابل للمحركية فيلغو (١).
والجواب انه تارة يفرض ان المكلف لا يعلم بالواقع وانما تنجز عليه الواقع بمنجز آخر ، واخرى يفرض انه تنجز عليه الواقع بالعلم.
أما في القسم الاول : فلو فرض حرمة الفعل المتجرى به كان الاتيان به مخالفة قطعية بخلاف فرض عدم حرمته والتمرد على المولى في فرض القطع بالحكم ، ولزوم المخالفة القطعية أشد من التمرد عليه في فرض الشك والاحتمال المنجز ، مثلا قتل ابن المولى مع العلم بأنه ابن المولى أشد في مقام التمرد والطغيان على المولى وظلمه من قتله في فرض الشك في ذلك ، فكون تحريم الفعل المتجرى به في هذا الفرض غير قابل للتأثير في المحركية ممنوع.
وأما في القسم الثاني : فأيضا عدم قابلية تحريم الفعل المتجرى به لتحريك العبد ممنوع ؛ وذلك لأن الحكم الأول كان ناشئاً من غرض والحكم الثاني الذي نقول بعدم اختصاصه بفرض الخطأ وعدم الاصابة يكون ناشئا من غرض آخر ،
__________________
(١) الدراسات ج ٣ ، ص ٢٩.