وذلك لأنه إن اريد بالقرعة اجراؤها في موارد المخاصمة والمرافعة فقد عرفنا ان فاصل الخصومة هناك هو قاعدة العدل والانصاف ، والقرعة لا دليل على حجيتها بعنوان فصل الخصومة.
وإن أريد اجراؤها كحجة في نفسها في مقام ترتيب الآثار لا بعنوان فصل الخصومة فحينئذٍ ان اريد اجراؤها بعنوان شخص ثالث وهو الودعي المكلف بايصال المال الى صاحبه فقد قلنا فيما سبق ان الشخص الثالث ليس له تكليف شرعاً بايصال المال الى صاحبه خارجاً ، ليقع في الاشكال من حيث انه لا يعرف صاحبه أهو هذا ام ذاك ، حتى يدفع اشكاله بالقرعة ، ويتوهم حينئذٍ عموم أدلة القرعة له ، بل ان هذا الشخص الثالث الودعي ليس له تكليف إلا بالتخلية بين المال وصاحبه ، وهذا يحصل بدون القرعة.
وإن اريد اجراء القرعة بالنسبة الى الشخصين نفسيهما فيما لو فرض ان نفس الشخصين اللذين يدور امر ملكية المال بينهما ليسا مدعيين ، بل كل منهما شاك ايضاً بينه وبين ربه في ملكيته لهذا المال ، فهنا لا بأس في اجراء القرعة لاطلاق دليلهما كما اشرنا اليه في الوجه الأول. هذا تمام الكلام في صورة الاختلاط في هذا الفرع.
وأما الصورة الثانية منه وهي صورة عدم الاختلاط فليس فيها مزية زائدة إلّا عدم جريان الوجه الثاني ، وهو توهم الشركة لأن توهم الشركة انما يختص بخصوص فرض الاختلاط ، واما فرض عدم الاختلاط فلا يتوهم فيه الشركة ، لان مجرد الاشتباه وعدم التمييز لا يحتمل فقهياً ولا فقهائياً انه موجب للاشتراك والاشاعة ، هذا هو تحقيق المائز فقهياً في هذا الفرض.
وأما ربطه بمدعى الاخباري فقد انقدح مما قلناه انه إن بنى على الوجه الثالث وهو القرعة في المقام ، واعطى الدرهم لأحد الشخصين فليس هناك مخالفة قطعية ، كما انه إن بنى على الوجه الثاني وهو الشركة ، وقلنا بان الشركة شركة واقعية ، حيث ان الشركة الظاهرية غير معقولة في المقام ، فيكون الانقلاب واقعياً في المقام ، فايضاً لا ينتهي الى المخالفة القطعية ، لا لعلم اجمالي ، ولا لعلم تفصيلي.