الوجوب على التقريب الأول فإنه مختص بالأحكام الالزامية ، فيكون الوجوب على التقريب الثاني أعم منه على التقريب الأول.
الجهة الثانية : أن الوجوب بالتقريب الأول يكون العلم به منجزاً وموجباً لوجوب امتثاله ، بخلاف احتماله فان احتماله لا يجب امتثاله ، بل يجري فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان على المذهب المشهور ، وأما الوجوب بالتقريب الثاني فيكون احتماله ايضا منجزاً وواجب الامتثال كالعلم به ، كما ان الابن اذا احتمل دخول ابيه في الغرفة احتمالا عقلائيا يجب عليه القيام له تعظيما له ، كما اذا علم ذلك.
وثالثة يقال بوجوب الموافقة الالتزامية شرعا ، وعلى هذا الوجه يكون الوجوب في سعته وضيقه تابعا للدليل الدال عليه. هذا ، ولكن وجوب الموافقة الالتزامية لا يمكن اثباته بشيء من هذه الأدلة.
أما الدليل الأول وهو ان العقل يحكم بأن الموافقة الالتزامية جزء الامتثال ومقوم له ، فلأن الموافقة الالتزامية إما أن تكون دخيلة في الامتثال خطابا ، وإما أن تكون دخيلة فيه ملاكا ، وكلاهما غير صحيح ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنا نقطع بعدم دخالته في الملاك ، وعلى فرض الشك في دخالتها نرفعه باطلاق الخطاب الدال على وجوب الموافقة العملية من جهة عدم تعرضه لوجوب الموافقة الالتزامية مع أنه في مقام البيان ، فلو لم يكن هناك اطلاق لعدم كونه في مقام البيان نرفع دخالته بأصالة البراءة عن الزام المكف بهذا الامر الزائد ، وهذا الوجه من الرد مختص بالتقريب الأول.
وهناك وجه عام يشمل كلا التقريبين الأول والثاني ، ويردهما ، وله تقريب مشهوري وتقريب صحيح.
أما التقريب المشهوري فهو أنا نرى في الموالي العرفيين بحسب وجداننا ان العبد إذا جرى على طبق تكاليفهم ، ولم يصدر منه مخالفة عملية لا يعاقبونه ، ولم يصح منهم عقابه وإن لم يلتزم بأحكامهم ، مضافا الى التصديق بها ، فنحكم بأن المولى الحقيقي ايضا كذلك وجدانا ، فلو لم يصدر من عبده مخالفة عملية بالنسبة