الشرعي من ناحيته.
وأما ما هو المفروض في كلام الميرزا (قده) من تتميم حكم العقل في نفسه وتتميم الملازمة بين حكم العقل العملي والأحكام الشرعية فمثل هذا التقييد في عالم الجعل أمر غير معقول.
إذا فهذه الدعوى انما تكون معقولة لو تمت الدعوى في الجهة الثانية ، لو تم في الجهة الثانية مرام الاخباريين وامكن للخصم انكار اصل القضية العقلية الجزمية ، أو ينكر في باب العقل العملي الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فحينئذٍ يمكن في المقام تقييد الجعل.
وأما مع فرض تمامية العقل في نفسه ، وتمامية برهان الملازمة بين العقل العملي وبين الحكم الشرعي ، فلا مجال لتقييد الاحكام الشرعية بعدم وصولها من هذا الطريق ؛ لأنه مساوق لدعوى عدم وجود المعلول مع تمامية علته ، وحيث أن الاشكال في الاستكشاف ، وتتميمه في المرحلة الثانية ثابت في نفسه ، فالجواب في المرحلة الثانية يكون جوابا برهانيا. نعم لو فرض انه لم يتم الجواب البرهاني في المقام ، وكان الاشكال في المرحلة الثانية تاما في نفسه لكان هذا بحثا اثباتيا في نفسه ، فيقع الكلام بعد ذلك في المقيدات والمخصصات.
وأما المرحلة الثانية : من الكلام وهي : دعوى عدم جواز الاعتماد على الدليل العقلي من ناحية قصور عالم الاستكشاف ، وأساس شبهة الاخباريين في ذلك هو كثرة وقوع الخطأ في الاحكام العقلية ، فان كل عاقل يرى ما يصدر منه أو ما يتورط فيه من اخطاء وكذلك يرى اخطاء غيره ناشئة من استنتاجاتهم العقلية وبراهينهم النظرية ، ومع الالتفات الى ذلك لا يمكن ان يتأتّى للانسان الجزم ببرهان عقلي ؛ لاحتمال كونه على حد تلك البراهين العقلية التي ظهر له خطؤها.
وينبغي في هذا المقام ان نميّز بدقة بين موقف الاخباريين من العقل النظري ، وموقف مدارس الفلسفة المادية ؛ فان الموقفين وإن تشابها صورة من حيث شجبهما للعقل النظري إلا أنهما يختلفان جوهراً ، ويختلفان في المدعى بحسب التحليل ؛