العملية لعدم الكشف عن الواقع فيها ، وعدم كونها طريقاً اليه ، بل هي تعين وظيفة الشاك. في مقام العمل ، «فكل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام» يعين وظيفة الذي شك في حرمة التتن مثلاً ، ولم يجد دليلاً ، وبقي متحيراً بعد الفحص عن الدليل ، وهو المجتهد دون المقلد لعدم كونه قادراً على الفحص ، فالحكم بحلية شرب التتن مختص بالمجتهد فكيف يجوز له ان يفتى للمقلد.
ويرد عليه ثانياً : انه لو تم في باب الامارات فانما يتم على مبنى الكشف والطريقية ، وهو مبنى الميرزا النائيني (قدسسره) ، ولا يتم على مبنى المشهور ، كصاحب الكفاية والمحقق الاصفهاني (قدسسرهما) من ان وظيفة الامارة جعل الحكم المماثل ، اذ على هذا المبنى غاية ما يستفاد من دليل الحجية هو الحكم المماثل ، وهو لا يكون مشتركاً بين المجتهد والمقلد ، بل يختص بالمجتهد فكيف يمكن ان يفتي بذلك الحكم المختص به للعامي.
ويرد عليه ثالثاً : انه مضافاً الى انه لا يتم في غير الامارات ، ومضافاً الى انه لا يتم في الامارات بناء على جعل الحكم المماثل ، لا يتم في باب الامارات ايضاً حتى بناء على مبنى الكشف والطريقية ، وذلك لان سيرة العقلاء في باب رجوع الجاهل الى العالم انما تجري فيما اذا كان علم العالم حاصلاً عن طريق الصناعة والفن لا من أي طريق كان ولو من طريق الرؤيا ، فلو رأى شخصٌ المعصوم في المنام فقطع من قوله بجميع الاحكام لا يجوز لغيره تقليده في ذلك لعدم جريان السيرة في مثل ذلك ، فتحصل انه لو قلنا في المقام الاول باختصاص الاحكام الظاهرية بالمجتهد لا يمكن توجيه عملية الافتاء فنياً في المقام الثاني.
المقام الثالث
وأما المقام الثالث فقد يقال فيه ، قد يستفاد من أدلة جواز التقليد بان علم المجتهد علم المقلد ، وفحصه فحص المقلد تنزيلاً ، فالمقلد وان لم يكن عالماً بالحكم وجداناً إلا أنه عالم به تنزيلاً بالتعبد الشرعي ، فمن ناحية هذه الخصوصية المستفادة من أدلة جواز التقليد ، وهي التنزيل الشرعي يجوز للمجتهد ان يفتي