فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢١) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ
____________________________________
الطيور ليرى أيها حاضر وأيها مفقود ، فلم يجد الهدهد من بينها (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) أي ما للهدهد لا أراه ، وكان هذا تعبير مؤدّب ، حتى كأن الإنسان أصابه شيء ـ كغفلة أو ذهول أو جهل ـ حتى لا يرى ما يطلبه ، وإن كان المطلوب حاضرا (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) فهو غائب حتى لم أره ، والمعنى أني لا أراه مع حضوره ، أم إنه غائب ولذا لا أراه؟
[٢٢](لَأُعَذِّبَنَّهُ) أي أعذبن الهدهد (عَذاباً شَدِيداً) كنتف ريشة (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) جزاء لغيبته بدون رخصة ، فيعتبر بذلك أبناء جنسه (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي) أي يجيء إليّ (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة واضحة ظاهرة تبين عذره في غيبته بدون رخصة ، وإنما تسمى الحجة ، سلطانا ، لأنها تسيطر على الخصم فلا مفلت له منها.
[٢٣](فَمَكَثَ) أي لبث سليمان مكثا (غَيْرَ بَعِيدٍ) في المدة ، أي انتظر زمانا يسيرا قليلا ، وقد رأى الهدهد راجعا ، (فَقالَ) لسليمان (أَحَطْتُ) أي علمت ، ويقال للعلم إحاطة ، لأنه يحيط بالمعلوم ، ونسبة الإحاطة إلى الشخص من باب علاقة الحال والمحل ، إذ الإنسان وعاء العلم (بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) أنت يا سليمان ، وكأنّه أراد بذلك أن يبدي عذره في غيبته وأنه لم يشتغل بأمر نفسه ، وإنما كانت غيبته لأجل الفحص والبحث في أطراف ملك سليمان ، كجولة استطلاعية يريد بها خير سليمان عليهالسلام لا خير نفسه