اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٦٤)
____________________________________
[٦٥](اللهُ) وحده ، هو (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) أي تستقرون عليها (وَ) جعل (السَّماءَ بِناءً) أي بناها بناء ، والمراد بالسماء الأفلاك والهواء ، التي قد أحكمت إحكاما دقيقا ، وإن لم يكن جسما ملموسا ، حتى إن هذا الإحكام لو أزيل ، لاختلت الحياة ، واضطربت الأرض والكون (وَصَوَّرَكُمْ) أي أعطاكم الله الصور أيها البشر (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) أي أجملها وزينها ، والمراد بالصورة هنا أعم من الشكل واللون والحجم ، فإن الصورة تطلق على ذلك ، كما تطلق على اللون فقط ، أو الشكل فقط ، أو الحجم والكيفية فقط (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) التي خلقها من ماء عذب ، وأثمار شهية وألبان وعسل وسائر المطاعم ، بل والمشارب والمساكن والمناكح والعلوم وغيرها ، فإن الجميع داخلة في الرزق ، والمراد بهاتين القضيتين ، كغالب القضايا الطبيعية ، فلا ينافي ذلك عدم حسن صورة بعض الأفراد ، أو عدم رزقهم الطيب طيلة عمرهم (ذلِكُمُ) «ذا» إشارة إليه سبحانه الذي فعل ما تقدم و «كم» خطاب للبشر (اللهُ رَبُّكُمْ) أيها البشر ، ولا شريك له في ذلك (فَتَبارَكَ اللهُ) أي جلّ سبحانه ، فإنه الدائم الذي ينمي الأشياء ، ويجعل فيها الخير والبركة ـ وقد تقدم معنى تبارك ـ (رَبُّ الْعالَمِينَ) عالم الإنسان والملائكة والحيوان والجن وغيرهم.