وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٧٤) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
____________________________________
صدق في وعده لنا بأنا إن عملنا صالحا أدخلنا الجنة (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أي أرض الجنة ، نقلها إلينا ، كالميراث الذي ينقل إلى الوارث ، ولعل التعبير بلفظ الأرض ، لبيان أنهم جازوا أرض الجنة ، وغرفها ، حيث قالوا بعد ذلك (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) أي نأخذ المنزل من قصورها ، أيّ محل شئنا فما هو مقدر لنا ـ وفي ذلك إشارة إلى سعة قصورهم ، وأرض الجنة لكل إنسان ـ و «نتبوأ» من «تبوّأ» بمعنى اتخذ المنزل ، أصله «باء» إذا رجع ، إذ المنزل مرجع الإنسان ، كلما خرج عاد إليه (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) بالخيرات ، الجنة.
[٧٦](وَتَرَى) يا رسول الله ، أو أيها الرائي (الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) قد أحاطوا بعرش الله سبحانه ، والعرش هو موضع جعله الله سبحانه محلا تشريفيا ، أحاطه بعنايته ولطفه ، وجعله مصدر أمره ونهيه ، كما أن البيت الحرام في الدنيا محل تشريفي له سبحانه ، ذاك بالنسبة إلى الملائكة ، وهذا بالنسبة إلى البشر ، ويلتذ المؤمنين بهذه الرؤية ، كمن يلتذ إذا نظر إلى قصر الملك المحاط بالجيش ، ورجال التشريفات ، فإن الإنسان يتقوى روحيا إذا نظر إلى محل القوة والعزة ، وهم (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي ينزهونه عما لا يليق به بسبب الحمد ، فإذا قال الإنسان «سبحان الله» كان تنزيها فقط ، أما إذا قال «الحمد لله» كان تحميدا وتنزيها ، فإن وصف الممدوح بالجميل ، حمد وتنزيه له عن القبيح ، بخلاف التنزيه عن القبيح ، فإنه ليس حمدا ـ