سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ
____________________________________
بعض ، وكلها في يده اليمنى ، وإنما قال «بيمينه» لأن اليمين أقدر على القبض ، وهذا من باب التشبيه ، يعني أن الكون كله تحت قدرته القوية ، حتى أن السماوات بالنسبة إليه ، كالثوب المطوي ، في يد أحد أفراد الإنسان ، وأن الأرض بالنسبة إليه ، كالشيء المقبوض في الكف ، وهذا من باب تشبيه المعقول بالمحسوس للتقريب إلى الذهن ، كما يقال : أن المملكة خاتم في إصبع فلان ، يراد قدرته الزائدة على إدارتها ، كقدرة الشخص على إدارة خاتمه ، وإنما قال «يوم القيامة» مع أن السماوات والأرض ، هكذا ، بالنسبة إليه ، قبل ذلك؟ لأن الكلام حول قدرة الله سبحانه ، على إعادة الأرواح إلى الأجساد ، في ذلك اليوم ، فالآية بصدد أن قدرته تعالى في ذلك اليوم ، بهذا القدر الهائل ، فكيف لا يقدر على بعث الناس ، وقد فهم ـ بالتلازم ـ بطلان الشركاء ، إذ الكون كله تحت قدرته وحده بلا شريك ولا ظهير (سُبْحانَهُ) أي أسبحه سبحانا ، وأنزهه تنزيها (وَتَعالى) أي أنه رفيع ، فإن الفعل منسلخ عن معنى الماضي ، كما في سائر صفات الذات (عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي عن الأصنام ، التي يشركونه بها.
[٦٩](وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) قد تقرر في البلاغة ، أن المضارع المتحقق وقوعه ، يؤتى بصيغة الماضي ، لإفادة أنه لمعلومية وقوعه ، كأنه قد وقع وانقضى ، والصور بوق ينفخ فيه إسرافيل مرتين ، مرة علامة لانقضاء العالم ، ورحيل الجميع منه إلى الآخرة ، وبذلك يموت الناس كلهم ، ومرة علامة ، لابتداء عالم الآخرة ، وبذلك يحيى الناس كلهم ، وهذا كالذي يصنعه أمير القافلة ، حين إرادة الرحيل ، وإرادة النزول ، من النفخ في البوق ، والمراد بهذا النفخ هنا هو الأول