أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨) وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (٦٩) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ
____________________________________
ننكس قواه وخلقته ، فيصير بعد القوة ضعيفا ، وبعد العقل خرفا ، وبعد النضارة ذابلا ، وبعد العلم جاهلا ، وهكذا ، فهو راجع إلى حالة الطفولة (أَفَلا يَعْقِلُونَ) هؤلاء الكفار إن من يقدر على هذا التنكيس ، قادر على ذلك التنكيس ، بالطمس والمسخ؟
[٧٠] وقد كان الكفار يقولون ، إن محمدا شاعر ، وإن القرآن شعر ، فرجع السياق إلى ما بدأ : حيث قال (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) قائلا (وَما عَلَّمْناهُ) أي ما علمنا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (الشِّعْرَ) فليس القرآن شعرا (وَما يَنْبَغِي لَهُ) أن يقول الشعر من عند نفسه ، ثم ينسبه إلى الله سبحانه ، وقد رووا إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا ينشد الشعر إطلاقا ، حتى أنه إذا أراد أن يقرأ شعرا ، بدّله حتى يخرج عن كونه شعرا ، فقال ذات يوم بدل «كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا» ب «كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا» أما ما ورد من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : «أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب» (١) ، فلم يثبت أنه قرأه على طريقة الشعر ، فلعله لم يقف على «كذب» (إِنْ هُوَ) أي هذا الذي يقرأه من قبله تعالى (إِلَّا ذِكْرٌ) للناس (وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) واضح ، وليس بشعر ، والمراد بالذكر ، إنه يذكّر الناس خالقهم الذي نسوه ، بعد ما أودع في فطرتهم ، ولعل الإتيان ، ب «الذكر» لأن الشعر كان في الغالب لهوا وتشبيبا ، فالذكر مقابل له.
[٧١](لِيُنْذِرَ) الله بواسطته ، أو لينذر الرسول ، أو لينذر القرآن (مَنْ كانَ
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٩ ص ١٤٠.