ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)
____________________________________
إلى محل قرار لها ـ عند الناس ـ وهو تحت الأرض ، أو إلى وقت قرار لها ، وهو يوم القيامة (ذلِكَ) الإجراء (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) في سلطانه ، فما أراد كان (الْعَلِيمِ) بالمصالح ، فيعمل ما فيه صلاح البشر والكون.
[٤٠](وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) أي قدرنا له (مَنازِلَ) ففي كل يوم في منزل ، فإن للقمر ثمانية عشر منزلا ، كما ذكر علماء الفلك ، أو المراد المنازل المرئية من هلال وقمر وبدر ، في أحوالها المختلفة زيادة ونقيصة (حَتَّى عادَ) القمر في آخر الشهر (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) العرجون هو العذق اليابس المقوّس ، فإن القمر في آخر الشهر يعود كما بدأ هلالا ضعيفا مقوسا.
[٤١](لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها) أي لا تتمكن (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) في سيرها فإن الشمس تقطع دورة الفلك في سنة كاملة ، والتي يقطعها في شهر ، أو أن حركاتهما في أفلاكهما نظّمتا بحيث لا يصطدم أحدهما بالآخر ، وهذا بيان لحكمة الله سبحانه ، في أنه نظمهما ، بحيث لا يتلاقيان ، ويسببا فساد الأنظمة الكونية (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) بأن يأتي الليل قبل تقضي وقت النهار ، كالإنسان الذي يسبق الآخر الذي يأتي حتى يلحقه ، ثم يترادفان في المسير حتى يتقدم ذلك المتأخر ، فإن الليل لا يزاحم النهار في أفق واحد ، حتى يرى الإنسان ليلا ونهارا في حال واحد ، ثم يتقدم الليل ، ويتأخر النهار ، وهذا كناية عن دقة التنظيم الذي لا يتزلزل (وَكُلٌ) من الشمس والقمر (فِي فَلَكٍ) ومدار خاص (يَسْبَحُونَ)