وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)
____________________________________
[٢١] وقد كان رجل يسمى حبيب النجار آمن بالرسل عند ورودهم المدينة ، وكان له بيت في آخر المدينة ، فلما سمع بمحاورة القوم مع الرسل ، أتى إلى القوم لينصحهم (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) أي آخرها (رَجُلٌ يَسْعى) أي يركض ويسرع في المشي ، لئلا يفوته الموقف ، وقد قيل إن القوم أرادوا قتل الرسل ، فجاء حبيب لإنقاذهم من القتل ، فلما وصل إلى المجتمع (قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) الذين أرسلهم الله إليكم لهدايتكم وإنقاذكم من الكفر والعصيان.
[٢٢](اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) فهم ، لا يريدون جزاء وثمنا على تبليغهم ، وإنما يقصدون بذلك الثواب ، عند الله سبحانه ، فما لكم لا تتبعون الناصحين الذين ينصحون ، بلا ثمن وجزاء؟ (وَهُمْ) في كلامهم (مُهْتَدُونَ) قد هداهم الله سبحانه ، فليسوا ضلالا ، ولا كاذبين ، ولا طالبين للأجر.
[٢٣] ثم التفت حبيب من الخطاب إلى التكلم ، فقال (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) أي أيّ شيء لي في عدم عبادتي لله الذي خلقني؟ فإن «فطر» بمعنى خلق ، وكان هذا الكلام للقوم ، بصورة مؤدبة لا تثيرهم ، ولا تزعجهم (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أيها القوم ، في يوم القيامة ، فهو المبدئ والمعيد ، فكونه خالقا موجب للشكر والعبادة وكونه مرجعا موجب للخوف والعبادة ، فإن الإنسان إنما يطيع أحدا ، إذا تفضل عليه ، أو خاف عقابه ، والأمران مجتمعان فيه سبحانه.