وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ (١٢) وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ
____________________________________
الفاسدة (وَآثارَهُمْ) أي الأعمال التي أبقوها بعدهم ، كمن عمر مسجدا ومخمرا ، فإنه يكتب له الثواب والعقاب ، وهو في القبر (وَكُلَّ شَيْءٍ) من الأعمال الصالحة والطالحة ، وسائر الأشياء (أَحْصَيْناهُ) من الإحصاء ، وهو التعداد بالإثبات والكتابة (فِي إِمامٍ مُبِينٍ) أي كتاب ظاهر ، وإنما سمي الكتاب إماما ، لأنه يجعل مصدر الأخذ ، كما أن الإمام ، مصدر الاقتداء والأخذ ، ولعل المراد بذلك اللوح المحفوظ ، وفي جملة من الأحاديث ، «أن الإمام المبين ، هو الإمام أمير المؤمنين» عليهالسلام (١) ، وذلك ، إما تأويل أو مصداق ، فإن الأعمال تعرض على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأئمة عليهمالسلام ، حتى يكونوا شهداء عليها ، فيعلمون أعمال الناس ، ولا تنافي ، بين أن يكون هناك كتاب صامت ، وكتاب ناطق.
[١٤](وَاضْرِبْ لَهُمْ) يا رسول الله (مَثَلاً) أي بيّن لهم مثالا (أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) أي قرية أنطاكية ، روي عن الباقر عليهالسلام ، أنه سئل عن تفسير هذه الآية ، فقال : «بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية ، فجاءهم بما لا يعرفون ، فغلظوا عليهما ، فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام ، فبعث الله الثالث ، فدخل المدينة ، فقال : أرشدوني إلى باب الملك ، فلما وقف على الباب ، قال : أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض ، وقد أحببت أن أعبد إله الملك ، فأبلغوا كلامه الملك ، فقال : أدخلوه إلى بيت الألهة ، فأدخلوه ، فمكث سنة مع صاحبيه ، فقال
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ص ٢١٢.