وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (٦٣) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ
____________________________________
[٦٤] وبعد الإلفات إلى هذه الآيات نرى عباد الله العقلاء يخضعون لله سبحانه ، ويعتدلون في سلوكهم ، وينتهجون المنهج المقرر لهم (وَعِبادُ الرَّحْمنِ) في مقابل الذين كانوا ينفرون من اسم الرحمن (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) هذا خبر «عباد الرحمن» والمعنى مشيهم مشية المتواضع ، فيمشون هينا بسكينة ووقار ، ولا يمشون بكبرياء وتجبّر ، فإن «هون» مصدر «هين» (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) بخطاب يكره ويثقل على الإنسان (قالُوا) في جواب الجهال (سَلاماً) أي سدادا من القول ، وما يوجب السلامة ، لا ما يوجب الخصام والنزاع ، فليس المراد هذه اللفظة بالذات ، بل المعنى الدفع بالتي هي أحسن ، كما قال سبحانه (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (١).
[٦٥](وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ) من بات بمعنى أوصل الليل بالصباح (لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) جمع ساجد وقائم ، وإنما خص الليل ، لأن العبادة فيه أشق وأبعد من الرياء وأقرب إلى فراغ القلب ، ولعلّ تخصيص هذين الأمرين ، لأنهما الأكثر في العبادة دون الركوع والجلوس.
[٦٦](وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ) بمعنى عدم الوقوع
__________________
(١) فصلت : ٣٥.