أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)
____________________________________
أَمْوالِ النَّاسِ) أي ينمو ذلك الذي أعطيتموه في أموال المهدي إليهم ، والمعنى يجعل عليه ، ويردّ إليكم ، فكأنه زاد في أموالهم ، حيث إنه إنما ضوعف ، حين اختلط بمالهم ، وهذا النحو من الإعطاء ليس حراما ، ولكنه لا أجر له (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) ولا يعطي الله أجرا على هذه الهدية المراد بها أن تزاد وترد ، هكذا وردت الروايات في تفسير الآية ، وهناك احتمال آخر ، وهو أن يكون هذا منعا لإعطاء المقترض الربا ، والمعنى إن الربا الذي تعطونه بزعم إنه يزاد ، في أموال المقترضين ، إنما هو مجرد زعم ، وإلا فالله سبحانه لا يجعله سببا للزيادة ، من قبيل (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) (١) وإنما توجه النهي نحو المقترض ، لأنه إن أبى لم يجد المقرض وسيلة لاقتراف هذا الحرام ، من قبيل قوله عليهالسلام : لا تكن عبد غيرك ، وقد جعلك الله حرا (٢) ، وعلى هذا ، فلام «ليربوا» لام العاقبة (وَما آتَيْتُمْ) أي أعطيتم (مِنْ زَكاةٍ) واجبة أو مندوبة ، وإن كان الأنسب ـ بكون السورة مكية ـ إرادة المندوبة (تُرِيدُونَ) بإعطائها (وَجْهَ اللهِ) لا الرياء والسمعة ، وإنما قال «وجه الله» لأن إرضاء شخص يوجب أن يوجّه وجهه إلى المرضي ، فالمعنى من باب تشبيه المعقول بالمحسوس ، للتقريب إلى الذهن (فَأُولئِكَ) المزكون (هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي الذين يضعفون أموالهم ، كما قال سبحانه (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٣) وقد دلّ العلم ، على أن إعطاء الصدقات ،
__________________
(١) البقرة : ٢٧٧.
(٢) تحف العقول : ص ٧٦.
(٣) البقرة : ٢٧٧.