فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
____________________________________
(فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي تركه يعمل ما يشاء ، بعد أن رأى الهدى ، فأعرض عنه ، وقد ذكرنا سابقا إن نسبة الإضلال إليه سبحانه ، باعتبار ، أنه تركه حتى يضل ، ولم يلطف به اللطف الخفي (وَما لَهُمْ) أي لهؤلاء المشركين الضالين (مِنْ ناصِرِينَ) ينصرونهم من عذاب الله ونكاله في يوم القيامة ، وهذا في مقابل زعمهم إن الأصنام تنصرهم وتشفع لهم.
[٣١] وإذ انحرفت نفوس عن هذا الدين (فَأَقِمْ) أنت يا رسول الله ، أو أيها الإنسان العاقل (وَجْهَكَ) ونسبة الإقامة إلى الوجه ، لأنه العضو الذي يبين اتجاه الإنسان ، وميله الكامن في نفسه (لِلدِّينِ) فتوجه نحو دين الإسلام ، لا إلى سائر المبادئ والأديان (حَنِيفاً) في حال كونك مستقيما ، غير مائلا إلى هنا أو هناك ، أو في حال كون الدين مستقيما ، لا يزيغ نحو الباطل والانحراف ، واتبع (فِطْرَتَ اللهِ) أي الكيفية التي خلقها الله سبحانه ، فإنه خلق الإنسان بحيث لا يصلحه ، إلّا الدين (الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) أي خلق الناس على تلك الفطرة ، فالدين ، كالمنهاج للبشر الذين خلقوا على نحو لا تستقيم أمورهم ، إلا إذا ساروا على هذا المنهاج ، وهكذا كما لو صنع شخص «جهازا» ثم كتب «كتابا» فيه كيفية عمل الجهاز ، فإنه يقول : اتبع هذا الكتاب ، فإن الجهاز ركبّ هكذا (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) أي لا يتغير الخلق عن تلك الفطرة ، حتى يلائمهم منهاج آخر ، غير منهاج الإسلام والدين (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي