فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ
____________________________________
الذهن ، كما قال تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ) (١) وإذا أريد المثل ، فله أعلى الأمثلة وأحسنها ، كأن يمثل لنوره بالمصباح النيّر ، أو يمثل بملكه بملك أعظم الملوك ، وهكذا (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ففي كل مكان أريد أن يضرب له المثل ، لا بد وأن يكون له المثل الأعلى ، وليس كالملك ، في قطر خاص ، الذي له أعلى الأمثلة في قطره ، أما في خارج قطره ، فليس له أعلى الأمثلة ، ففي قطره يقال إن مثله ، كمثل أعظم الناس ملكا ، أما في خارج قطره يقال ، إنه كمثل الملك الآخر ، أو المالك الكذائي (وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب على كل شيء لا يغلبه أحد (الْحَكِيمُ) فكل ما يفعل ، إنما هو بالحكمة والصواب.
[٢٩] ثم ضرب سبحانه مثلا لعدم الشريك له ، وذلك بالاستفهام ، عن هؤلاء المشركين ، أنهم هل يقارنون بين السيد والعبد ، وإذا قالوا : لا قبل لهم ، فلم تقارنون ـ في الألوهية ـ بين الله ، وبين الأصنام؟ مع أن البون بينهما أبعد من البون بين السادة والعبيد (ضَرَبَ لَكُمْ) أيها المشركون ، والذي ضرب المثل هو الله سبحانه (مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) بيّن لكم شبها في حال كونه من أنفسكم ، فليس مثلا ، من الملائكة ، أو الجن ، والنبات ، والحيوان ، والجماد (هَلْ لَكُمْ) أيها المشركون (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي عبيدكم ، وإمائكم ، وإنما نسبت الملكية إلى اليد ، لأنها العاملة المحصلة للمال الذي به يشتري العبد (مِنْ
__________________
(١) النور : ٣٦.