النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ
____________________________________
النَّاسِ) الذين لا يؤمنون بالله ، ولا يصدقون كلامه (لا يَعْلَمُونَ) صحة وعد الله ، وإنه لا خلف فيه ، فإن الذي يخلف وعده إما لعجز أو لجهل أو لخبث ، والله سبحانه منزه عن ذلك كله.
[٨] إنهم لا يقدرون الأشياء حق قدرها ، فيزعمون أن لا قوة خارقة غيبية تسير الكون ، بل يظنون أن كل الأمر كائن فيما يشاهد من القوى الظاهرة (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) من قواها وأسبابها ومسبباتها ، وسائر الخصوصيات الظاهرة (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) وبهذه الغفلة تختل مقاييسهم للأمور ، فلا يصدقون بوعد الله ولا يرقبون جزاءه ، ولا يقدرون قوته الغيبية ، الخاضعة لها الأشياء ، وكان إقامة هذه الجملة مقام «وهم عن الله غافلون» لأجل إفادة ، أن منكر المعاد ، منكر الله سبحانه ، فهو من إقامة المسبب مقام السبب ، فإن سبب الغفلة عن المعاد ، هو الغفلة عن الله تعالى ، والإتيان بلفظ «هم» مكررا ، للتأكيد في غفلة هؤلاء.
[٩](أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) أي هؤلاء الغافلون عن الآخرة ، الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا (فِي أَنْفُسِهِمْ) أي في حالة خلوتهم بأنفسهم حيث لا جدال ولا إنكار ـ لو ظهر الحق ـ فإن الإنسان بينه ، وبين نفسه يعترف ، بما لا يعترف به عند الملأ خوفا ، أو استكبارا (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) من الإنسان والحيوان والنبات والهواء وغيرها (إِلَّا بِالْحَقِ) فلو لم يكن هناك إله ، كما يزعمون ، فمن يا ترى