وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (٥٨) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٥٩) وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ
____________________________________
[٥٩] وهناك الجنة التي فيها ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالله ورسوله وما جاء به (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) بأن عملوا بالأوامر ، واجتنبوا النواهي (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) أي لننزلنهم (مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً) يتخذونها مبوّء ، ومحلّا لسكناهم ، وغرف جمع غرفة ، وهي العالية من البناء المشرفة على الأرض (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فإنها جارية على الأرض ، فهم فوقها (خالِدِينَ فِيها) أي في حال كونهم دائمين في تلك الجنة والنعمة (نِعْمَ) ذلك (أَجْرُ الْعامِلِينَ) الذين عملوا بالطاعة ، واجتنبوا المعصية ، أي أنه أجر حسن.
[٦٠] ثم وصف العاملين بأهم الصفات التي يحتاج إليها الإنسان الذي وقع في فتنة واختبار (الَّذِينَ صَبَرُوا) على دينهم ، وإن لاقوا صنوف الأذى (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يفوضون أمورهم إليه ، ويوكلونه في مهامهم.
[٦١] وإذ أمر المسلمين بالهجرة ، وذكر لهم أن خوفهم من الموت ـ المحتمل للمهاجر ـ لا ينبغي أن يعبأ به ، بيّن أن ما يخافه المهاجر ، من اختلال أمر معيشته ـ حيث إن الإنسان في غربته عن وطنه ، لا يتمكن من تحصيل المعاش ـ أيضا مما لا ينبغي أن يعتنى به ، أليس الله هو الرازق للدواب التي لا تعرف تحصيل الرزق؟ فهو قادر على أن يرزق المهاجرين ، حينما ينقطعون عن موارد أرزاقهم ، التي كانت مهيأة في أوطانهم (وَكَأَيِّنْ) هي بمعنى «كم» الخبرية ، أي وكم (مِنْ دَابَّةٍ)