مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٥) يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٥٦) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٥٧)
____________________________________
(مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) فهم في وسط النار المحيطة بهم (وَيَقُولُ) الله لهم (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي جزاء أعمالكم فقد أسند ما للمسبب إلى السبب ، إذ العمل سبب العذاب.
[٥٧] وإذ رأينا جزاء الكافرين فلننظر إلى المؤمنين كيف يجازون ، وقد كان الكفار يؤذونهم وهم في مكة ، ويخاف المؤمنون إن بقوا هناك أن يقتلوهم ـ كما قتلوا ياسرا وسمية ـ وإن خرجوا أن يقتلوهم ، لئلا ينشروا الدعوة خارج البلاد ، ولذا عقّبوا جعفرا حين ذهب إلى الحبشة ، فخاطبهم سبحانه بقوله (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) فأنتم عبادي ، وهذه أرضي واسعة أمامكم (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) ولا تشركوا بي شيئا ، فإن تمكنتم من عبادتي في بلادكم ، فهو ، وإلا فاخرجوا منها إلى حيث تتمكنون من عبادتي فيها.
[٥٨] وإن خفتم من القتل والموت عند الهجرة؟ فهوّنوا على أنفسكم ذلك ، أليس مصير كل إنسان إلى الفناء؟ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أي تذوق الموت حتما «من فاته اليوم سهم لم يفته غدا» فلا تخافوا من الموت ، إن احتملتم لقائه في هجرتكم (ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) فنجازيكم على حسن أعمالكم ، وهذان سببان محفّزان لعدم مبالاة المؤمن بالموت ، الأول ، أن الموت يدرك الإنسان لا محالة ، والثاني ، أنه يرجع إلى الله الذي أعد له كل ثواب وجزاء حسن.