وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (٥٤)
____________________________________
سائغ شرابه (وَهذا) أي البحر الثاني (مِلْحٌ) أي كالملح في الملوحة ، وإنما قيل ملح مبالغة ، مثل زيد عدل (أُجاجٌ) شديد الملوحة (وَجَعَلَ بَيْنَهُما) بين البحرين (بَرْزَخاً) أي حجابا أو حاجزا من قدرة الله (وَحِجْراً) أي منعا (مَحْجُوراً) ممنوعا دخول بعض المياه إلى بعض ، حتى يفسد العذب بالمالح ، وهذا لتأكيد المبالغة في عدم اختلاطهما اختلاطا مفسدا ، وإن «مرج» أخيرا بعد أخذ الأرض والناس حاجتهما منه ، وهذا من بديع القدرة حيث جعل قرار المياه العذبة فوق سطح البحر.
[٥٥](وَهُوَ) الله (الَّذِي خَلَقَ) وأوجد (مِنَ الْماءِ) أي المنى ، أو الماء المكون للنبات والحيوان ، حتى يأكلهما الإنسان ، فيتحول في بدنه منيا (بَشَراً) أي إنسانا ، قيل سمي بشرا ، لظهور بشرته ، بخلاف غالب الحيوانات المكسي جلدها بالريش أو الشعر أو ما أشبه (فَجَعَلَهُ) أي جعل البشر بكيفية يتلاقى بعضهم مع بعض بسببها (نَسَباً وَصِهْراً) فالأولاد والأحفاد يتلاقون بالمصاهرة والزواج ، والتقدير «جعله ذا نسب وصهر» والصهر من صهر بمعنى قرب ، ومنه يقال للشيء المذاب منصهر ، لأنه يقترب بعضه إلى بعض (وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) أي قادرا على كل شيء ، ولذا خلق هذه المخلوقات المدهشة ، بهذا النظام والكيفية العجيبين.
[٥٦] إن الله سبحانه هو الذي خلق كل شيء ، كما نشاهد في الآيات الكونية