(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (٧١)
٦٩ ـ (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) أضاءت (بِنُورِ رَبِّها) أي بعدله بطريق الاستعارة. يقال للملك العادل : أشرقت الآفاق بعدلك ، وأضاءت الدنيا بقسطك. كما يقال أظلمت البلاد بجور فلان ، وقال عليه الصلاة والسلام : (الظلم ظلمات يوم القيامة) (١). وإضافة اسمه إلى الأرض لأنه يزيّنها حيث ينشر فيها عدله ، وينصب فيها موازين قسطه ، ويحكم بالحقّ بين أهلها ، ولا نرى أزين للبقاع من العدل ولا أعمر لها منه ، وقال الإمام أبو منصور رحمهالله : يجوز أن يخلق الله نورا فينور به أرض الموقف ، وإضافته إليه تعالى للتخصيص كبيت الله وناقة الله (وَوُضِعَ الْكِتابُ) أي صحائف الأعمال ، ولكنه اكتفي باسم الجنس ، أو اللوح المحفوظ (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ) ليسألهم ربّهم عن تبليغ الرسالة وما أجابهم قومهم (وَالشُّهَداءِ) الحفظة ، وقيل هم الأبرار في كلّ زمان يشهدون على أهل ذلك الزمان (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين العباد (بِالْحَقِ) بالعدل (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ختم الآية بنفي الظلم كما افتتحها بإثبات العدل.
٧٠ ـ (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) أي جزاءه (وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) من غير كتاب ولا شاهد ، وقيل هذه الآية تفسير قوله وهم لا يظلمون. أي ووفيت كلّ نفس ما عملت من خير وشر لا يزاد في شرّ ولا ينقص من خير.
٧١ ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ) سوقا عنيفا ، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل (زُمَراً) حال أي أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ) بالتخفيف فيهما كوفي (أَبْوابُها) وهي سبعة (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) أي حفظة جهنم وهم الملائكة الموكلون بتعذيب أهلها (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) من بني آدم (يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي وقتكم هذا ، وهو وقت دخولهم النار إلى (٢) يوم القيامة (قالُوا بَلى) أتونا
__________________
(١) كنز العمال ٣ / ٧٦٣٧.
(٢) في (ظ) و (ز) لا.