(قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٢) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) (٧٣)
وتلوا علينا (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) أي ولكن وجبت علينا كلمة الله لأملأنّ جهنم بسوء أعمالنا كما قالوا : (غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) (١) فذكروا عملهم الموجب لكلمة العذاب وهو الكفر والضلال.
٧٢ ـ (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها) حال مقدرة ، أي مقدرين الخلود (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) اللام فيه للجنس ، لأنّ مثوى المتكبرين فاعل بئس ، وبئس فاعلها اسم معرف بلام الجنس ، أو مضاف إلى مثله ، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره فبئس مثوى المتكبرين جهنم.
٧٣ ـ (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً) المراد سوق مراكبهم ، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرّم ويشرّف من الوافدين على بعض الملوك (حَتَّى إِذا جاؤُها) هي التي تحكى بعدها الجمل والجملة المحكية بعدها هي الشرطية إلا أنّ جزاءها محذوف ، وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة ، فدلّ بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف ، وقال الزّجّاج : تقديره حتى إذا جاؤوها (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) دخلوها فحذف دخلوها لأنّ في الكلام دليلا عليه ، وقال قوم حتى إذا جاؤوها ، جاؤوها وفتحت أبوابها ، فعندهم جاؤوها محذوف ، والمعنى : حتى إذا جاؤوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها ، وقيل أبواب جهنم لا تفتح إلّا عند دخول أهلها فيها ، وأما أبواب الجنة فمتقدّم فتحها لقوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٢) فلذلك جيء بالواو كأنه قال : حتى إذا جاؤوها وقد فتحت أبوابها طبتم من دنس المعاصي ، وطهرتم من خبث الخطايا ، وقال الزّجّاج : أي كنتم طيبين في الدنيا ولم تكونوا خبيثين ، أي لم تكونوا أصحاب خبائث ، وقال ابن عباس : طاب لكم المقام ، وجعل دخول الجنة مسببا عن الطيب والطهارة لأنها دار الطيبين ومثوى الطاهرين قد طهرها الله من كلّ دنس وطيّبها من كلّ قذر ، فلا يدخلها إلا مناسب لها موصوف بصفتها.
__________________
(١) المؤمنون ، ٢٣ / ١٠٦.
(٢) ص ، ٣٨ / ٥٠.