(أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦١)
٥٨ ـ (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) رجعة إلى الدنيا (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) من الموحّدين.
٥٩ ـ (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بلى ردّ من الله عليه كأنه يقول : بلى قد جاءتك آياتي ، وبينت لك الهداية من الغواية ، وسبيل الحقّ من الباطل ، ومكّنتك من اختيار الهداية على الغواية ، واختيار الحقّ على الباطل ، ولكن تركت ذلك وضيعت (١) واستكبرت عن قبوله ، وآثرت الضلالة على الهدى ، واشتغلت بضدّ ما أمرت (٢) ، فإنما جاء التضييع من قبلك فلا عذر لك ، وبلى جواب لنفي تقديري لأنّ المعنى لو أنّ الله هداني ما هديت ، وإنما لم يقرن الجواب به ، لأنه لا بدّ من حكاية أقوال النفس على ترتيبها ، ثم الجواب من بينها عما اقتضى الجواب.
٦٠ ـ (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ) وصفوه بما لا يجوز عليه من إضافة الشريك والولد إليه ، ونفي الصفات عنه (وُجُوهُهُمْ) مبتدأ (مُسْوَدَّةٌ) خبر والجملة في محلّ النصب على الحال إن كان ترى من رؤية البصر ، وإن كان من رؤية القلب فمفعول ثان (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) منزلا (٣) (لِلْمُتَكَبِّرِينَ) هو إشارة إلى قوله واستكبرت.
٦١ ـ (وَيُنَجِّي اللهُ) وينجي روح (الَّذِينَ اتَّقَوْا) عن (٤) الشرك (بِمَفازَتِهِمْ) بفلاحهم يقال : فاز بكذا إذا أفلح به وظفر بمراده منه ، وتفسير المفازة (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) النار (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) كأنه قيل : وما مفازتهم؟ فقيل : لا يمسّهم السوء ، أي ينجيهم بنفي السوء والحزن عنهم ، أي لا يمسّ أبدانهم أذى ولا قلوبهم حزن (٥) ، أو بسبب منجاتهم من قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) (٦) أي بمنجاة
__________________
(١) في (ز) وضيعته.
(٢) في (ظ) و (ز) أمرت به.
(٣) في (ظ) و (ز) منزل.
(٤) في (ز) من.
(٥) في (ز) خزي.
(٦) آل عمران ، ٣ / ١٨٨.