(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (٦٣)
منه ؛ لأنّ النجاة من أعظم الفلاح ، وسبب منجاتهم العمل الصالح ، ولهذا فسّر ابن عباس رضي الله عنهما المفازة بالأعمال الحسنة ، ويجوز بسبب فلاحهم لأنّ العمل الصالح سبب الفلاح ، وهو دخول الجنة ، ويجوز أن يسمّى العمل الصالح في نفسه مفازة لأنه سببها ، ولا محلّ للا يمسّهم على التفسير الأول ، لأنه كلام مستأنف ، ومحلّه النصب على الحال على الثاني. بمفازاتهم كوفي غير حفص.
٦٢ ـ (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) ردّ على المعتزلة والثّنويّة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) حافظ.
٦٣ ـ (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي هو مالك أمرها وحافظها ، وهو من باب الكناية ، لأنّ حافظ الخزائن ومدبّر أمرها هو الذي يملك مقاليدها ، ومنه قولهم : فلان ألقيت إليه مقاليد الملك وهي المفاتيح واحدها مقليد ، وقيل لا واحد لها من لفظها ، والكلمة أصلها فارسية (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) هو متصل بقوله وينجي الله الذين اتقوا ، أي ينجي الله المتقين بمفازاتهم والذين كفروا هم الخاسرون. واعترض بينهما بأنه خالق كلّ شيء ، وهو (١) مهيمن عليه ، فلا يخفى عليه شيء من أعمال المكلّفين فيها وما يجزون عليها ، أو بما يليه على أنّ كلّ شيء في السماوات والأرض فالله خالقه وفاتح بابه ، والذين كفروا وجحدوا أن يكون الأمر كذلك أولئك هم الخاسرون ، وقيل سأل عثمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن تفسير قوله : له مقاليد السماوات والأرض فقال : (يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلّا بالله هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) (٢) وتأويله على هذا أنّ لله هذه الكلمات يوحّد بها ويمجّد وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلّم بها من المتقين أصابه ، والذين كفروا بآيات الله وكلمات توحيده وتمجيده أولئك هم الخاسرون.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فهو.
(٢) أبو يعلى وابن أبي حاتم والعقيلي والبيهقي في الأسماء والطبراني في الدعاء عن عبد الله بن عمر ، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.