(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ) (١٤)
الإيمان (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) ما أسلفوا من الأعمال الصالحة (١) وغيرها (وَآثارَهُمْ) ما هلكوا عنه من أثر حسن كعلم علّموه ، أو كتاب صنّفوه ، أو حبيس (٢) ، أو رباط ، أو مسجد صنعوه ، أو سيئ كوظيفة وظّفها بعض الظلمة ، وكذلك كلّ سنّة حسنة أو سيئة يستنّ بها ، ونحوه قوله تعالى : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (٣) قدّم من أعماله وأخّر من آثاره ، وقيل : هي خطاهم إلى الجمعة أو إلى الجماعة (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) عددناه وبيّنّاه (فِي إِمامٍ مُبِينٍ) يعني اللوح المحفوظ ، لأنه أصل الكتب ومقتداها.
١٣ ـ (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) ومثّل لهم ، من قولهم ؛ عندي من هذا الضرب كذا ، أي من هذا المثال وهذه الأشياء على ضرب واحد ، أي على مثال واحد ، والمعنى واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية ، أي أنطاكية ، أي اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية ، والمثل الثاني بيان للأول ، وانتصاب (إِذْ) بأنه بدل من أصحاب القرية (جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) رسل عيسى عليهالسلام إلى أهلها بعثهم دعاة إلى الحق وكانوا عبدة أوثان.
١٤ ـ (إِذْ) بدل من إذ الأولى (أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ) أي أرسل عيسى بأمرنا (اثْنَيْنِ) صادقا وصدوقا ، فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له ، وهو حبيب النجار ، فسأل عن حالهما ، فقالا : نحن رسولا عيسى ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن ، فقال : أمعكما آية؟ فقالا : نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص ، وكان له ابن مريض مذ سنين (٤) ، فمسحاه فقام فآمن حبيب ، وفشا الخبر فشفي على أيديهما خلق كثير ، فدعاهما الملك وقال لهما : ألنا إله سوى آلهتنا؟ قالا : نعم من أوجدك وآلهتك ، فقال : حتى أنظر في أمركما ، فتبعهما الناس وضربوهما ، وقيل حبسا ، ثم بعث عيسى شمعون فدخل متنكرا ، وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ، ورفعوا خبره إلى الملك ، فأنس به ، فقال له ذات يوم : بلغني أنك حبست رجلين
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الصالحات.
(٢) في (ظ) أو جيش حبسوه ، وفي (ز) أو حبيس حبسوه ، والحبيس : الوقف.
(٣) القيامة ، ٧٥ / ١٣.
(٤) في (ظ) و (ز) مدة سنتين.