(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (١٩) كِتَابٌ مَّرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (٢٢) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤) يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦) وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) (٢٨)
(أَثِيمٍ) مكتسب للآثام (١) (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) أي القرآن (قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أحاديث المتقدمين. وقال الزجاج : أساطير : أباطيل واحدها أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث (كَلَّا) ردع للمعتدي الأثيم عن هذا القول (بَلْ) نفي لما قالوا ، ويقف حفص على بل وقيفة (رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) غطّاها كسبهم ، أي غلب على قلوبهم حتى غمرها ما كانوا يكسبون من المعاصي. وعن الحسن : الذنب بعد الذنب حتى يسودّ القلب. وعن الضحاك : الرّين موت القلب. وعن أبي سليمان (٢) : الرين والقسوة زماما الغفلة ودواؤهما إدمان الصوم فإن وجد بعد ذلك قسوة فليترك الإدام (كَلَّا) ردع عن الكسب الرائن على القلب (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ) أي (٣) عن رؤية ربّهم (يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) لممنوعون والحجب : المنع ، قال الزجاج : في الآية دليل على أن المؤمنين يرون ربّهم وإلا لا يكون التخصيص مفيدا. وقال الحسين بن الفضل : كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في العقبى عن رؤيته. وقال مالك بن أنس رحمهالله : لما حجب أعداءه فلم يروه تجلّى لأوليائه حتى رأوه. وقيل : عن كرامة ربّهم لأنهم في الدنيا لم يشكروا نعمه فيئسوا في الآخرة عن كرامته مجازاة ، والأول أصح لأن الرؤية أقوى الكرامات فالحجب عنها دليل الحجب عن غيرها (ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) ثم بعد كونهم محجوبين عن ربهم لداخلوا (٤) النار (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي هذا العذاب هو الذي كنتم تكذّبون به في الدنيا وتنكرون وقوعه.
١٨ ـ ٢٨ ـ (كَلَّا) ردع عن التكذيب (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ) ما كتب من أعمالهم ، والأبرار : المطيعون الذين لا يطفّفون ويؤمنون بالبعث ، لأنه ذكر في مقابلة الفجّار وبيّن الفجار بأنهم المكذّبون بيوم الدين. وعن الحسن : البرّ الذي لا يؤذي
__________________
(١) في (ظ) و (ز) للإثم.
(٢) أبو سليمان : عبد الرحمن بن أحمد بن عطية العنسي الداراني ، أبو سليمان ، زاهد مشهور من أهل داريا بغوطة دمشق ، أقام مدة في بغداد ، كان من كبار المتصوفين (الأعلام ٧ / ٢٩٣).
(٣) ليس في (ظ) و (ز) أي.
(٤) في (ز) لداخلون.