(أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (٢٨)
٢٢ ـ (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) أي ساقطا على وجهه يعثر كلّ ساعة ويمشي معتسفا ، وخبر من (أَهْدى) أرشد ، فأكبّ مطاوع كبّه ، يقال كببته فأكبّ (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) مستويا منتصبا سالما من العثور والخرور (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) على طريق مستو ، وخبر من محذوف لدلالة أهدى عليه ، وعن الكلبي عني بالمكبّ أبو جهل وبالسوي النبي عليهالسلام.
٢٣ ـ (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ) خلقكم ابتداء (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) خصّها لأنها آلات العلم (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) هذه النّعم لأنكم تشركون بالله ولا تخلصون له العبادة ، والمعنى تشكرون شكرا قليلا ، وما زائدة ، وقيل القلة عبارة عن العدم.
٢٤ ـ (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ) خلقكم (فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) للحساب والجزاء.
٢٥ ـ (وَيَقُولُونَ) أي الكافرون للمؤمنين استهزاء (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي تعدوننا به ، يعني العذاب (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في كونه فأعلمونا زمانه.
٢٦ ـ (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ) أي علم وقت العذاب (عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ) مخوّف (مُبِينٌ) أبيّن لكم الشرائع.
٢٧ ـ (فَلَمَّا رَأَوْهُ) أي الوعد يعني العذاب الموعود (زُلْفَةً) قريبا منهم ، وانتصابها على الحال (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي ساءت رؤية الوعد وجوههم بأن علتها الكآبة والمساءة وغشيتها القترة والسواد (وَقِيلَ هذَا الَّذِي) القائلون الزبانية (كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) تفتعلون من الدعاء ، أي تسألون تعجيله وتقولون ائتنا بما تعدنا ، أو هو من الدعوى أي كنتم بسببه تدّعون أنكم لا تبعثون ، وقرأ يعقوب تدعون.
٢٨ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ) أي أماتني الله كقوله : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) (١)
__________________
(١) النساء ، ٤ / ١٧٦.