(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) (٢١)
إنكاري عليهم إذ أهلكتهم. ثم نبّه على قدرته على الخسف وإرسال الحاصب بقوله :
١٩ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) جمع طائر (فَوْقَهُمْ) في الهواء (صافَّاتٍ) باسطات أجنحتهنّ في الجوّ عند طيرانهن (وَيَقْبِضْنَ) ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن ، ويقبضن معطوف على اسم الفاعل حملا على معنى (١) ، أي يصففن ويقبضن ، أو صافات وقابضات ، واختيار هذا التركيب باعتبار أنّ أصل الطيران هو صفّ الأجنحة لأنّ الطيران في الهواء كالسباحة في الماء ، والهواء للطائر كالماء للسابح ، والأصل في السباحة مدّ الأطراف وبسطها ، وأما القبض فطارىء على البسط للاستظهار به على التحرّك ، فجيء بما هو طارىء بلفظ الفعل على معنى أنهن صافات ، ويكون منهنّ القبض تارة بعد تارة كما يكون من السابح (ما يُمْسِكُهُنَ) عن الوقوع عند القبض والبسط (إِلَّا الرَّحْمنُ) بقدرته وإلا فالثقيل يتسفّل طبعا ولا يعلو ، وكذا لو أمسك حفظه وتدبيره عن العالم لتهافتت الأفلاك ، وما يمسكهن مستأنف ، وإن جعل حالا من الضمير في يقبضن يجوز (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) يعلم كيف يخلق وكيف يدبّر العجائب.
٢٠ ـ (أَمَّنْ) مبتدأ خبره (هذَا) ويبدل من هذا (الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) ومحلّ (يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) رفع نعت لجند محمول على اللفظ ، والمعنى من المشار إليه بالنصر غير الله تعالى (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) أي ما هم إلا في غرور.
٢١ ـ (أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) أم من يشار إليه ويقال هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه وهذا على التقدير ، ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان لاعتقادهم أنهم يحفظون من النوائب ويرزقون ببركة آلهتهم ، فكأنهم الجند الناصر والرازق ، فلما لم يتّعظوا أضرب عنهم فقال (بَلْ لَجُّوا) تمادوا (فِي عُتُوٍّ) استكبار عن الحقّ (وَنُفُورٍ) وشراد عنه لثقله عليهم فلم يتبعوه. ثم ضرب مثلا للكافر والمؤمن (٢) فقال :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) المعنى.
(٢) في (ظ) و (ز) للكافرين والمؤمنين.