(أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦) أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) (١٨)
١٤ ـ (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) من في موضع رفع بأنه فاعل يعلم (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أنكر أن لا يحيط علما بالمضمر والمسرّ والمجهر من خلقها وصفته أنه اللطيف أي العالم بدقائق الأشياء الخبير العالم بحقائق الأشياء ، وفيه إثبات خلق الأقوال فيكون دليلا على خلق أفعال العباد ، وقال أبو بكر بن الأصم (١) وجعفر بن حرب (٢) من مفعول والفاعل مضمر وهو الله تعالى فاحتالا بهذا لنفي خلق الأفعال.
١٥ ـ (هُوَ) الله (٣) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) ليّنة سهلة مذلّلة لا يمتنع (٤) المشي فيها (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) جوانبها استدلالا واسترزاقا ، أو جبالها ، أو طرقها (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) أي من رزق الله فيها (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) أي وإليه نشوركم فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم.
١٦ ـ (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) أي من ملكوته في السماء لأنها مسكن ملائكته ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه ، فكأنه قال أأمنتم خالق السماء وملكه ، أو لأنهم كانوا يعتقدون التشبيه وأنه في السماء وأنّ الرحمة والعذاب ينزلان منه فقيل لهم على حسب اعتقادهم أأمنتم من تزعمون أنه في السماء وهو متعال عن المكان (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) كما خسف بقارون (فَإِذا هِيَ تَمُورُ) تضطرب وتتحرك.
١٧ ـ (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) حجارة ، أن يرسل بدل من بدل الاشتمال ، وكذا أن يخسف (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أي إذا رأيتم المنذر به علمتم كيف إنذاري حين لا ينفعكم العلم.
١٨ ـ (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من قبل قومك (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي
__________________
(١) أبو بكر بن الأصم : لم أجد له ترجمة.
(٢) جعفر بن حرب الهمداني من أئمة المعتزلة من أهل بغداد ، أخذ الكلام عن أبي الهذيل العلاف وصنف كتبا ولد عام ١٧٧ ه ومات عام ٢٣٦ ه (الأعلام ٢ / ١٢٣).
(٣) ليست في (ظ) و (ز).
(٤) في (ظ) و (ز) لا تمنع.