(أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (٧٣) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧١)
وتلقون فيها البذر (أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) تنبتونه وتردّونه نباتا (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) المنبتون ، وفي الحديث : (لا يقولنّ أحدكم زرعت وليقل حرثت) (١) (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) هشيما متكسرا قبل إدراكه (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) تعجّبون ، أو تندمون على تعبكم فيه وإنفاقكم عليه ، أو على ما اقترفتم من المعاصي التي أصبتم بذلك من أجلها (إِنَّا) أي تقولون إنا ، أإنّا أبو بكر (لَمُغْرَمُونَ) لملزمون غرامة ما أنفقنا ، أو مهلكون لهلاك رزقنا ، من الغرام وهو الهلاك (بَلْ نَحْنُ) قوم (مَحْرُومُونَ) محارثون (٢) محدودون لا مجدودون ، لاحظّ لنا ولا بخت لنا ، ولو كنا مجدودين لما جرى علينا هذا.
٦٨ ـ ٧٠ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) أي الماء العذب الصالح للشرب (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ) السحاب الأبيض ، وهو أعذب ماء (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) بقدرتنا (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) ملحا أو مرّا لا يقدر على شربه (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) فهلّا تشكرون ، ودخلت اللام على جواب لو في قوله لجعلناه حطاما ، ونزعت منه هنا لأنّ لو لمّا كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعليق (٣) الجزاء بالشرط ولم تكن مخلصة للشرط (٤) كإن ولا عاملة مثلها ، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقا من حيث إفادتها في مضموني جملتيها أنّ الثاني امتنع لامتناع الأول افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علما على هذا التعلق فزيدت هذه اللام لتكون علما على ذلك ، ولما شهر موقعه لم يبال بإسقاطه عن اللفظ لعلم كلّ أحد به ، وتساوي حالي حذفه وإثباته ، على أنّ تقدم ذكرها والمسافة قصيرة مغن عن ذكرها ثانية ، ولأن هذه اللام تفيد معنى التأكيد لا محالة فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب للدلالة على أنّ المطعوم مقدّم على أمر المشروب ، وأنّ الوعيد بفقده أشدّ وأصعب من قبل أنّ المشروب إنما يحتاج إليه تبعا للمطعوم ، ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب.
٧١ ـ ٧٤ ـ (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) تقدحونها وتستخرجونها من الزناد ،
__________________
(١) ابن حبان والبزار والطبراني من طريق مخلد بن حسين بن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة.
(٢) في (ظ) و (ز) محارفون.
(٣) في (ز) تعلق.
(٤) في (ز) مخلصة الشرط.