(نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) (٦٧)
٥٧ ـ (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا) فهلّا (تُصَدِّقُونَ) تحضيض على التصديق إمّا بالخلق ، لأنهم وإن كانوا مصدقين به إلا أنه لما كان مذهبهم خلاف ما يقتضيه التصديق فكأنهم مكذبون به ، وإمّا بالبعث ، لأن من خلق أولا لم يمتنع عليه أن يخلق ثانيا.
٥٨ ـ (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) ما تمنونه ، أي تقذفونه في الأرحام من النطف.
٥٩ ـ (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) تقدّرونه وتصوّرونه وتجعلونه بشرا سويا (أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ).
٦٠ ـ ٦١ ـ (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) تقديرا وقسمناه عليكم قسمة الرزق (١) على اختلاف وتفاوت كما تقتضيه مشيئتنا ، فاختلفت أعماركم من قصير وطويل ومتوسط ، قدرنا بالتخفيف مكي سبقته بالشيء إذا أعجزته عنه وغلبته عليه ، فمعنى قوله (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ. عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) إنا قادرون على ذلك لا يغلبونني (٢) عليه ، وأمثالكم جمع مثل ، أي على أن نبدل منكم ومكانكم أشباهكم من الخلق (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) وعلى أن ننشئكم في خلق لا تعلمونها وما عهدتم بمثلها ، يعني أنا نقدر على الأمرين جميعا ، على خلق ما يماثلكم وما لا يماثلكم ، فكيف نعجز عن إعادتكم؟ ويجوز أن يكون أمثالكم جمع مثل أي على أن نبدل ونغيّر صفاتكم التي أنتم عليها في خلقكم وأخلاقكم وننشئكم في صفات لا تعلمونها.
٦٢ ـ (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) النشاءة مكي وأبو عمرو (فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) أنّ من قدر على شيء مرة لم يمتنع عليه ثانيا ، وفيه دليل صحة القياس حيث جهّلهم في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى.
٦٣ ـ ٦٧ ـ (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ) ما تحرثونه من الطعام ، أي تثيرون الأرض
__________________
(١) في (ظ) و (ز) الأرزاق.
(٢) في (ز) لا تغلبوننا.