(قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) (٥٦)
أنبعث إذا متنا؟ ، وهو العامل في الظرف ، وجاز حذفه ، إذ مبعوثون يدل عليه ، ولا يعمل فيه مبعوثون لأن إنّ والاستفهام يمنعان أن يعمل ما بعدهما فيما قبلهما (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) (١) دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف ، وحسن العطف على المضمر في لمبعوثون من غير توكيد بنحن للفاصل الذي هو الهمزة ، كما حسن في قوله : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (٢) لفصل لا المؤكدة للنفي. أو آباؤنا مدني وشامي.
٤٩ ـ ٥٠ ـ (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) إلى ما وقّتت به الدنيا من يوم معلوم ، والإضافة بمعنى من كخاتم فضة ، والميقات ما وقّت به الشيء ، أي حدّ ، ومنه مواقيت الإحرام وهي الحدود التي لا يجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما.
٥١ ـ ٥٥ ـ (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ) عن الهدى (الْمُكَذِّبُونَ) بالبعث ، وهم أهل مكة ومن في مثل حالهم (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ) من لابتداء الغاية (مِنْ زَقُّومٍ) من لبيان الشجر (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ. فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) أنّث ضمير الشجر على المعنى وذكّره على اللفظ في منها وعليه (فَشارِبُونَ شُرْبَ) بضم الشين مدني وعاصم وحمزة وسهل ، وبفتح الشين غيرهم ، وهما مصدران (الْهِيمِ) هي إبل عطاش لا تروى ، جمع أهيم وهيماء ، والمعنى أنه يسلّط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقّوم الذي هو كالمهل ، فإذا ملؤوا منه البطون سلّط عليهم من العطش ما يضطرّهم إلى شرب الحميم الذي يقطّع أمعاءهم فيشربونه شرب الهيم ، وإنما صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة وصفتين متفقتين لأن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة وقطع الأمعاء أمر عجيب ، وشربهم له على ذلك كما يشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضا ، فكانتا صفتين مختلفتين.
٥٦ ـ (هذا نُزُلُهُمْ) هو الرزق الذي يعدّ للناس تكرمة له (يَوْمَ الدِّينِ) يوم الجزاء.
__________________
(١) في مصحف النسفي : أو آباؤنا وهي قراءة.
(٢) الأنعام ، ٦ / ١٤٨.