(فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (٤٠) وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ (٤٣) لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ) (٤٨)
ابتدىء انشاؤهنّ أو اللاتي أعيد انشاؤهن ، وعلى غير هذا التأويل أضمر لهن ، لأن ذكر الفرش وهي المضاجع دلّ عليهن.
٣٦ ـ (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) عذارى ، كلما أتاهنّ أزواجهن وجدوهنّ أبكارا.
٣٧ ـ ٣٨ ـ (عُرُباً) عربا حمزة وخلف ويحيى وحماد ، جمع عروب وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعّل (أَتْراباً) مستويات في السنّ بنات ثلاث وثلاثين وأزواجهن كذلك ، واللام في (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) من صلة أنشأنا.
٣٩ ـ ٤٠ ـ (ثُلَّةٌ) أي أصحاب اليمين ثلة (مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) فإن قلت كيف قال قبل هذا : وقليل من الآخرين ، ثم قال هنا : وثلة من الآخرين؟ قلت : ذاك في السابقين ، وهذا في أصحاب اليمين وأنهم يتكاثرون من الأولين والآخرين جميعا ، وعن الحسن : سابقو الأمم أكثر من سابقي أمتنا ، وتابعو الأمم مثل تابعي هذه الأمة.
٤١ ـ ٤٤ ـ (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) الشمال والمشأمة واحدة (فِي سَمُومٍ) في حر نار ينفذ في المسام (وَحَمِيمٍ) وماء حار متناهي الحرارة (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) من دخان أسود (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) نفي لصفتي الظلّ عنه ، يريد أنه ظلّ ولكن لا كسائر الظلال ، سمّاه ظلا ثم نفى عنه برد الظلّ وروحه ونفعه من يأوي إليه من أذى الحرّ ، وذلك كرمه ليمحق ما في مدلول الظلّ من الاسترواح إليه ، والمعنى أنه ظلّ حارّ ضارّ.
٤٥ ـ ٤٨ ـ (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) أي في الدنيا (مُتْرَفِينَ) منعّمين ، فمنعهم ذلك من الانزجار وشغلهم عن الاعتبار (وَكانُوا يُصِرُّونَ) يداومون (عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) أي على الذنب العظيم ، أو على الشرك لأنه نقض عهد الميثاق ، والحنث نقض العهد المؤكّد باليمين ، أو الكفر بالبعث بدليل قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) (١) (وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) تقديره
__________________
(١) النحل ، ١٦ / ٣٨.