(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ)(٢٧)
الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضا ووأد البنات. وخبر عسى أن تفسدوا ، والشرط اعتراض بين الاسم والخبر ، والتقدير فهل عسيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم إن توليتم.
٢٣ ـ (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم عن رحمته (فَأَصَمَّهُمْ) عن استماع الموعظة (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) عن إبصار (١) طريق الهدى.
٢٤ ـ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) فيعرفوا ما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة حتى لا يجسروا على المعاصي ، وأم في (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) بمعنى بل ، وهمزة التقرير للتسجيل عليهم بأنّ قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر ، ونكّرت القلوب لأن المراد على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك ، والمراد على (٢) بعض القلوب وهي قلوب المنافقين ، وأضيفت الأقفال إلى القلوب لأن المراد الأقفال المختصة (٣) ، وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح نحو الرّين (٤) والختم والطّبع.
٢٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) أي المنافقون رجعوا إلى الكفر سرا بعد وضوح الحقّ لهم (الشَّيْطانُ سَوَّلَ) زيّن (لَهُمُ) جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لإن ، نحو إنّ زيدا عمرو مرّ به (وَأَمْلى لَهُمْ) ومدّ لهم في الآمال والأماني ، وأملي أبو عمرو ، أي امهلوا ومدّ في عمرهم.
٢٦ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) أي المنافقون قالوا لليهود (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) أي عداوة محمد والقعود عن نصرته (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) على المصدر من أسرّ حمزة وعلي وحفص. أسرارهم غيرهم جمع سرّ.
٢٧ ـ (فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ) أي فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) إبصارهم.
(٢) ليس في (ظ) و (ز) على.
(٣) زاد في (ظ) و (ز) بها.
(٤) الرّين : الطبع والدنس ، وكل ما غلبك فقد ران بك.