(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (٢٠) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ (٢١) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (٢٢)
دون مباشرة القبيح ، وذنوبنا مباشرة القبائح من الصغائر والكبائر ، وقيل الفاءات في هذه الآيات لعطف جملة على جملة بينهما اتصال (وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) في معايشكم ومتاجركم (وَمَثْواكُمْ) ويعلم حيث تستقرون من منازلكم ، أو متقلّبكم في حياتكم ومثواكم في القبور ، أو متقلّبكم في أعمالكم ومثواكم من (١) الجنة والنار ، ومثله حقيق بأن يتّقى ويخشى وأن يستغفر ، وسئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال : ألم تسمع قوله فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك ، فأمر بالعمل بعد العلم.
٢٠ ـ (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ) فيها ذكر الجهاد (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) في معنى الجهاد (مُحْكَمَةٌ) مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال ، وعن قتادة : كلّ سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أنّ القتال نسخ ما كان من الصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) أي أمر فيها بالجهاد (رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) نفاق ، أي رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) أي تشخص أبصارهم جبنا وجزعا كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت (فَأَوْلى لَهُمْ) وعيد بمعنى فويل لهم ، وهو أفعل من الولي وهو القرب ، ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه.
٢١ ـ (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كلام مستأنف ، أي طاعة وقول معروف خير لهم (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) فإذا جدّ الأمر ولزمهم فرض القتال (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ) في الإيمان والطاعة (لَكانَ) الصدق (خَيْراً لَهُمْ) من كراهة الجهاد.
ثم التفت من الغيبة إلى الخطاب لضرب (٢) من التوبيخ والإرهاب فقال :
٢٢ ـ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) أي فلعلكم إن أعرضتم عن دين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في
__________________
(١) في (ز) في.
(٢) في (ظ) و (ز) بضرب.