(وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (١٦) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (١٧) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (١٨) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (١٩)
أمثل الجنة كمثل جزاء من هو خالد في النار؟ وهو كلام في صورة الإثبات ومعناه النفي لانطوائه تحت حكم كلام مصدّر بحرف الإنكار ودخوله في حيزه ، وهو قوله : أفمن كان على بينة من ربّه كمنّ زيّن له سوء عمله. وفائدة حذف حرف الإنكار زيادة تصوير لمكابرة من يسوّي بين المتمسك بالبينة والتابع لهواه وأنه بمنزلة من يثبت التسوية بين الجنة التي تجري فيها تلك الأنهار وبين النار التي يسقى أهلها الحميم.
١٦ ـ (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً) هم المنافقون ، كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يلقون له بالا تهاونا منهم ، فإذا خرجوا قالوا لأولي العلم من الصحابة : ماذا قال الساعة؟ على جهة الاستهزاء (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ).
١٧ ـ (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) بالإيمان واستماع القرآن (زادَهُمْ) الله (هُدىً) علما وبصيرة أو شرح صدر (١) (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) أعانهم عليها ، أو آتاهم جزاء تقواهم ، أو بيّن لهم ما يتقون.
١٨ ـ (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ) أي ينتظرون (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) أي إتيانها ، فهو بدل اشتمال من الساعة (بَغْتَةً) فجأة (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) علاماتها ، وهو مبعث محمد صلىاللهعليهوسلم وانشقاق القمر والدخان ، وقيل قطع الأرحام وقلة الكرام وكثرة اللئام (فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) قال الأخفش : التقدير فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم.
١٩ ـ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ) أنّ الشأن (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) والمعنى فاثبت على ما أنت عليه من العلم بوحدانية الله وعلى التواضع وهضم النفس باستغفار ذنبك وذنوب من على دينك ، وفي «شرح التأويلات» جاز أن يكون له ذنب يأمره (٢) بالاستغفار له ، ولكنّا لا نعلمه غير أنّ ذنب الأنبياء ترك الأفضل
__________________
(١) في (ز) أي بصيرة وعلما أو شرح صدورهم.
(٢) في (ز) فأمره.