(وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (٥٠) وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (٥١)
٤٨ ـ (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها في نقض العادة ، وظاهر النظم يدلّ على أنّ اللاحقة أعظم من السابقة وليس كذلك ، بل المراد بهذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر ولا يكدن يتفاوتن فيه ، وعليه كلام الناس ، يقال هما أخوان كلّ واحد منهما أكرم من الآخر (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) وهو ما قال تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) (١) (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) (٢) الآية (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن الكفر إلى الإيمان.
٤٩ ـ (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لتعظيمهم علم السحر. يا أيّه الساحر بضمّ الهاء بلا ألف شامي ، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف ، فلما سقطت لالتقاء الساكنين اتبعت حركتها حركة ما قبلها (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) بعهده عندك من أنّ دعوتك مستجابة ، أو بعهده عندك وهو النبوة ، أو بما عهد عندك من كشف العذاب عمن اهتدى (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) مؤمنون (٣).
٥٠ ـ (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) ينقضون العهد بالإيمان ولا يفون به.
٥١ ـ (وَنادى فِرْعَوْنُ) نادى بنفسه عظماء القبط أو أمر مناديا فنادى ، كقولك قطع الأمير اللصّ إذا أمر بقطعه (٤) (فِي قَوْمِهِ) جعلهم محلا لندائه وموقعا له (قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ) أي أنهار النيل ومعظمها أربعة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) من تحت قصري ، وقيل بين يدي في جناني ، والواو عاطفة للأنهار على ملك مصر ، وتجري نصب على الحال منها ، أو الواو للحال ، واسم الإشارة مبتدأ ، والأنهار صفة لاسم الإشارة ، وتجري خبر للمبتدأ ، وعن الرشيد أنه لما قرأها قال :
__________________
(١) الأعراف ، ٧ / ١٣٠.
(٢) الأعراف ، ٧ / ١٣٣.
(٣) زاد في (ظ) و (ز) به.
(٤) أي أمر بقطع يده.