فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (٤٤) وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جَاءهُم بِآيَاتِنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ) (٤٧)
(مُقْتَدِرُونَ) قادرون ، وصفهم بشدة الشكيمة في الكفر والضلال بقوله : أفأنت تسمع الصمّ الآية ، ثم أوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة بقوله : فإمّا نذهبنّ بك الآيتين.
٤٣ ـ (فَاسْتَمْسِكْ) فتمسّك (بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) وهو القرآن واعمل به (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي على الدين الذي لا عوج له.
٤٤ ـ (وَإِنَّهُ) وإنّ الذي أوحي إليك (لَذِكْرٌ لَكَ) لشرف لك (وَلِقَوْمِكَ) ولأمتك (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عنه يوم القيامة ، وعن قيامكم بحقّه ، وعن تعظيمكم له ، وعن شكركم هذه النعمة.
٤٥ ـ (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم هل جاءت عبادة الأوثان قطّ في ملة من ملل الأنبياء؟ وكفاه نظرا وفحصا نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لما بين يديه ، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزّل به سلطانا ، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها ، وقيل إنه عليهالسلام جمع له الأنبياء ليلة الإسراء فأمّهم ، وقيل له : سلهم ، فلم يشكّك ولم يسأل ، وقيل معناه سل أمم من أرسلنا وهم أهل الكتابين أي التوراة والإنجيل ، وإنما يخبرونه عن كتب الرسل ، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء ، ومعنى هذا السؤال التقرير لعبدة الأوثان أنهم على الباطل ، وسل بلا همز مكي وعليّ ، رسلنا أبو عمرو ، ثم سلى رسوله صلىاللهعليهوسلم بقوله :
٤٦ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما أجابوه به عند قوله إني رسول ربّ العالمين محذوف دلّ عليه قوله :
٤٧ ـ (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا) وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية (إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) يسخرون منها ويهزؤون بها ويسمونها سحرا ، وإذا للمفاجأة ، وهو جواب فلمّا ، لأنّ فعل المفاجأة معها مقدر وهو عامل النصب في محلّ إذا ، كأنه قيل فلمّا جاءهم بآياتنا فاجؤوا وقت ضحكهم.