(وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) (٣٨)
والمعارج جمع معرج وهي المصاعد إلى العلالي ، عليها يظهرون على المعارج يظهرون السطوح أي يعلونها (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) إن نافية ، ولمّا بمعنى إلّا أي وما كلّ ذلك إلّا متاع الحياة الدنيا ، وقد قرىء به ، وقرأ لما غير عاصم وحمزة على أنّ اللام هي المفارقة بين إن المخففة والنافية ، وما صلة أي وإن كلّ ذلك لمتاع الحياة الدنيا (وَالْآخِرَةُ) أي ثواب الآخرة (عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) لمن يتقي الشرك.
٣٦ ـ (وَمَنْ يَعْشُ) وقرىء ومن يعش ، والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عشى يعشى وإذا نظر نظر العشى ولا آفة به ، قيل عشا (١) ومعنى القراءة بالفتح ومن يعم (عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ) وهو القرآن كقوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) (٢) ومعنى القراءة بالضمّ ومن يتعام عن ذكر ، أي يعرف أنه الحقّ وهو يتجاهل كقوله : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٣) (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : نسلطه عليه فهو معه في الدنيا والآخرة يحمله على المعاصي ، وفيه إشارة إلى أنّ من داوم عليه (٤) لم يقرنه الشيطان.
٣٧ ـ (وَإِنَّهُمْ) أي الشياطين (لَيَصُدُّونَهُمْ) ليمنعون العاشين (عَنِ السَّبِيلِ) عن سبيل الهدى (وَيَحْسَبُونَ) أي العاشون (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) وإنما جمع ضمير من وضمير الشيطان لأنّ من مبهم في جنس العاشي وقد قيّض له شيطان مبهم في جنسه ، فجاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعا.
٣٨ ـ (حَتَّى إِذا جاءَنا) على الواحد عراقي غير أبي بكر أي العاشي ، جاآنا على الجمع (٥) غيرهم أي العاشي وقرينه (قالَ) لشيطانه (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) يريد المشرق والمغرب فغلّب كما قيل العمران والقمران ، والمراد بعد المشرق من المغرب والمغرب من المشرق (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أنت ، قل (٦) :
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) يعشو.
(٢) البقرة ، ٢ / ١٨ و ١٧١.
(٣) النمل ، ٢٧ / ١٤.
(٤) داوم عليه : أي داوم على الذكر.
(٥) ليس في (ز) على الجمع.
(٦) ليس في (ظ) و (ز) قل.