(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (٣٢) وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ (٣٤) وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (٣٥)
مكة الوليد بن المغيرة وبعظيم الطائف عروة بن مسعود الثقفي (١) ، وأرادوا بالعظيم من كان ذا مال وذا جاه ، ولم يعرفوا أنّ العظيم من كان عند الله عظيما.
٣٢ ـ (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) أي النبوة ، والهمزة للإنكار المستقلّ بالتجهيل والتعجيب من تحكّمهم في اختيار من يصلح للنبوة (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ) ما يعيشون به وهو أرزاقهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لم نجعل قسمة الأدون إليهم وهو الرزق فكيف النبوة ، أو كما فضلت البعض على البعض في الرزق فكذا أخصّ بالنبوة من أشاء (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) أي جعلنا البعض أقوياء وأغنياء وموالي والبعض ضعفاء وفقراء وخدماء (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا) ليصرّف بعضهم بعضا في حوائجهم ويستخدموهم في مهنهم ويسخّروهم (٢) في أشغالهم حتى يتعايشوا ويصلوا إلى منافعهم هذا بماله وذا (٣) بأعماله (وَرَحْمَتُ رَبِّكَ) أي النبوة أو دين الله وما يتبعه من الفوز في المآب (خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) مما يجمع هؤلاء من حطام الدنيا.
ولما قلّل أمر الدنيا وصغّرها أردفه بما يقرّر قلة الدنيا عنده فقال :
٣٣ ـ ٣٥ ـ (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) ولو لا كراهة (٤) أن يجتمعوا على الكفر ويطبقوا عليه (لَجَعَلْنا) لحقارة الدنيا عندنا (لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ. وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ. وَزُخْرُفاً) أي لجعلنا للكفار سقوفا ومصاعد وأبوابا وسررا كلّها من فضة ، وجعلنا لهم زخرفا أي زينة من كلّ شيء ، والزخرف الذهب والزينة ، ويجوز أن يكون الأصل سقفا من فضة وزخرف ، أي بعضها من فضة وبعضها من ذهب فنصب عطفا على محلّ من فضة ، لبيوتهم بدل اشتمال من لمن يكفر ، سقفا على الجنس مكي وأبو عمرو ويزيد ،
__________________
(١) عروة بن مسعود الثقفي أبو مسعود : سبق ترجمته في ٢٨ / ٦٧.
(٢) في (ظ) و (ز) يتسخروهم.
(٣) في (ظ) و (ز) وهذا.
(٤) ليس في (أ) كراهة.