(فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٣١)
٢٥ ـ (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) فعاقبناهم بما استحقوه على إصرارهم (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).
٢٦ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) أي واذكر إذ قال (إِنَّنِي بَراءٌ) أي بريء ، وهو مصدر يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث ، كما تقول رجل عدل وامرأة عدل وقوم عدل ، والمعنى ذو عدل وذات عدل (مِمَّا تَعْبُدُونَ).
٢٧ ـ (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) استثناء منقطع كأنه قال لكن الذي فطرني (فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) يثبّتني على الهداية.
٢٨ ـ (وَجَعَلَها) وجعل إبراهيم عليهالسلام كلمة التوحيد التي تكلّم بها وهي قوله إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني (كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) في ذريّته ، فلا يزال فيهم من يوحّد الله ويدعو إلى توحيده (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) لعلّ من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحّد منهم ، والترجّي لإبراهيم.
٢٩ ـ (بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) يعني أهل مكة وهم من عقب إبراهيم بالمدّ في العمر والنعمة ، فاغتروا بالمهلة وشغلوا بالتنعم واتباع الشهوات وطاعة الشيطان عن كلمة التوحيد (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُ) أي القرآن (وَرَسُولٌ) أي محمد عليهالسلام (مُبِينٌ) واضح الرسالة بما معه من الآيات البيّنة.
٣٠ ـ (وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ) القرآن (قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ).
٣١ ـ (وَقالُوا) فيه متحكّمين بالباطل (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ) فيه استهانة به (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) أي رجل عظيم من إحدى القريتين ، كقوله : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) (١) أي من أحدهما ، والقريتان : مكة والطائف. وعنوا بعظيم
__________________
(١) الرحمن ، ٥٥ / ٢٢.