(وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩) وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٢٠)
ذلك ويتزيّن بلباس التقوى ، ومن منصوب المحلّ ، والمعنى أو جعلوا من ينشأ في الحلية يعني البنات لله عزوجل ، ينشّأ حمزة وعليّ وحفص أي يربى ، قد جمعوا في كفرهم ثلاث كفرات وذلك أنهم نسبوا إلى الله الولد ، ونسبوا إليه أخسّ النوعين ، وجعلوه من الملائكة المكرمين فاستخفوا بهم.
١٩ ـ (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) أي سمّوهم (١) وقالوا إنهم إناث ، عند الرحمن مكي ومدني وشامي أي عندية منزلة ومكانة لا منزل ومكان ، والعباد جمع عبد وهو ألزم في الحجاج مع أهل العناد لتضاد بين العبودية والولاد (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) وهذا تهكّم بهم يعني أنهم يقولون ذلك من غير أن يستند قولهم إلى علم ، فإنّ الله لم يضطرهم إلى علم لك ، ولا تطرقوا إليه باستدلال ، ولا أحاطوا به عن خبر يوجب العلم ، ولم يشاهدوا خلقهم حتى يخبروا عن المشاهدة (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) التي شهدوا بها على الملائكة من أنوثتهم (وَيُسْئَلُونَ) عنها ، وهذا وعيد.
٢٠ ـ (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) أي الملائكة ، تعلقت المعتزلة بظاهر هذه الآية في أنّ الله تعالى لم يشأ الكفر من الكافر وإنما شاء الإيمان ، فإنّ الكفار ادعوا أنّ الله شاء منهم الكفر وما شاء منهم ترك عبادة الأصنام حيث قالوا : لو شاء الرحمن ما عبدناهم ، أي لو شاء منّا أن نترك عبادة الأصنام لمنعنا عن عبادتها ، ولكن شاء منا عبادة الأصنام ، والله تعالى ردّ عليهم قولهم واعتقادهم بقوله (ما لَهُمْ بِذلِكَ) المقول (مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي يكذبون ، ومعنى الآية عندنا أنهم أرادوا بالمشيئة الرضا ، وقالوا لو لم يرض بذلك لعجّل عقوبتنا ، أو لمنعنا عن عبادتها منع قهر واضطرار ، وإذ لم يفعل ذلك فقد رضي بذلك ، فردّ الله تعالى عليهم بقوله : ما لهم بذلك من علم ، الآية ، وقالوا (٢) هذا القول استهزاء لا جدّا واعتقادا ، فأكذبهم الله تعالى فيه وجهّلهم حيث لم يقولوا عن اعتقاد كما قال خبرا (٣) عنهم : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) (٤) وهذا حقّ في الأصل ، ولكن لما قالوا ذلك استهزاء كذّبهم الله بقوله : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٥) وكذلك قال الله تعالى : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) سموا.
(٢) في (ز) أو قالوا.
(٣) في (ز) مخبرا.
(٤ و ٥) يس ، ٣٦ / ٤٧.