(وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (١١) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ) (١٤)
١١ ـ (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ) بمقدار يسلم معه العباد ويحتاج إليه البلاد (فَأَنْشَرْنا) فأحيينا ، عدول من المغايبة إلى الإخبار لعلم المخاطب بالمراد (بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) يريد ميّتا (كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) من قبوركم أحياء تخرجون حمزة وعليّ ، ولا وقف على العليم لأن الذي صفته ، وقد وقف عليه أبو حاتم (١) على تقدير هو الذي لأنّ هذه الأوصاف ليست من مقول الكفار لأنهم ينكرون الإخراج من القبور فكيف يقولون كذلك تخرجون بل الآية حجّة عليهم في إنكار البعث.
١٢ ـ (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ) الأصناف (كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) أي تركبونه ، يقال ركبوا في الفلك وركبوا الأنعام فغلّب المتعدّي بغير واسطة (٢) فقيل تركبونه.
١٣ ـ (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) على ظهور ما تركبونه وهو الفلك والأنعام (ثُمَّ تَذْكُرُوا) بقلوبكم (نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا) بألسنتكم (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) ذلّل لنا هذا المركوب (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) مطيقين يقال أقرن الشيء إذا أطاقه ، وحقيقة أقرنه وجده قرينته ، لأنّ الصعب لا يكون قرينة للضعيف.
١٤ ـ (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) لراجعون (٣) ، قيل يذكرون عند ركوبهم مراكب الدنيا آخر مركبهم منها وهو الجنازة. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال : (بسم الله) ، فإذا استوى على الدابة قال : (الحمد لله على كلّ حال سبحان الذي سخّر لنا هذا) إلى قوله : (لمنقلبون) وكبّر ثلاثا وهلّل ثلاثا (٤). وقالوا إذا ركب في السفينة قال : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥).
__________________
(١) أبو حاتم : سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني ، سبق ترجمته في آل عمران ، ٣ / ٢٠.
(٢) زاد في (ظ) و (ز) لقوته على المتعدي بواسطة.
(٣) زاد في (ز) في المعاد.
(٤) أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث علي رضي الله عنه.
(٥) هود ، ١١ / ٤١.