(وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦) وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (٧) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٠)
المجاز من قولهم ضرب الغرائب عن الحوض ، والفاء للعطف على محذوف تقديره أنهملكم فنضرب عنكم الذكر إنكارا لأن يكون الأمر على خلاف ما قدّم من إنزاله الكتاب وجعله قرآنا عربيا ليعقلوه وليعلموا بمواجبه (صَفْحاً) مصدر من صفح عنه إذا أعرض ، منتصب على أنه مفعول له على معنى أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجّة به إعراضا عنكم ، ويجوز أن يكون مصدرا على خلاف الصدر ، لأنه يقال ضربت عنه أي أعرضت عنه ، كذا قاله الفراء (أَنْ كُنْتُمْ) لأن كنتم ، إن كنتم مدني وحمزة وهو من الشرط الذي يصدر عن المدلّ بصحة الأمر المتحقق لثبوته ، كما يقول الأجير إن كنت عملت لك فوفني حقي وهو عالم بذلك (قَوْماً مُسْرِفِينَ) مفرطين في الجهالة مجاوزين الحدّ في الضلالة.
٦ ـ (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ) أي كثيرا من الرسل أرسلنا إلى من تقدّمك.
٧ ـ (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) هي حكاية حال ماضية مستمرة ، أي كانوا على ذلك ، وهذه تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عن استهزاء قومه.
٨ ـ (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) تمييز والضمير للمسرفين ، لأنه صرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخبره عنهم (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) أي سلف في القرآن في غير موضع منه ذكر قصّتهم وحالهم العجيبة التي حقّها أن تسير مسير المثل ، وهذا وعد لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ووعيد لهم.
٩ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي المشركين (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ).
١٠ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) كوفي (١) أي موضع قرار (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) طرقا (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) لكي تهتدوا في أسفاركم.
__________________
(١) زاد في (ظ) وغيرهم مهادا ، وفي (ز) وغيره مهادا.